للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يرويه من المنفعة ويعتبر المطلع على الخطوب الماضية فيتأسى إذا لحقه مصاب ويتذكر بحوادث الدهر إنما يتذكر أولو الألباب فإنها حوادث غريبة في بابها متنوعة في عجائبها وسميته عجائب الآثار في التراجم والأخبار وأنا لنرجو ممن اطلع عليه وحل بمحل القبول لديه أن لا ينسانا من صالح دعواته وإن يغضى عما عثر عليه من هفواته.

اعلم أن التاريخ علم يبحث فيه عن معرفة أحوال الطوائف وبلدانهم ورسومهم وعاداتهم وصنائعهم وأنسابهم ووفياتهم وموضوعه أحوال الأشخاص الماضية من الأنبياء والأولياء والعلماء والحكماء والشعراء والملوك والسلاطين وغيرهم والغرض منه الوقوف على الأحوال الماضية من حيث هي وكيكا كانت وفائدته العبرة بتلك الأحوال والتنصح بها وحصول ملكة التجارب بالوقوف على تغلبات الزمن ليتحرز العاقل عن مثل أحوال الهالكين من الأمم المذكورة السالفين ويستجلب خيار أفعالهم ويتجنب سوء أقوالهم ويزهد في الفاني ويجتهد في طلب الباقى وأول واضع له في الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك حين كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر أنه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب لا ندري على أيها نعمل فقد قرأنا صكا محله شعبان فما ندري أي الشعبانين أهو الماضي أم القابل وقيل: رفع لعمر صك محله شعبان فقال: أي شعبان هذا هو الذي نحن فيه أو الذي هو آت ثم جمع وجوه الصحابة رضي الله عنهم وقال: إن الأموال قد كثرت وما قسمناه غير مؤقت فكيف التوصل إلى ما يضبط به ذلك. فقال له الهرمزان: وهو ملك الأهواز وقد اسر عند فتوح فارس وحمل إلى عمر واسلم على يديه أن للعجم حسابا يسمونه ماه روز ويسندونه إلى من غلب عليهم الأكاسرة فعربوا لفظة ماه روز يمورخ ومصدره التاريخ واستعملوه في وجوه التصريف ثم شرح لهم الهرمزان كيفية استعمال ذلك فقال لهم: عمر ضعوا للناس تاريخا يتعاملون عليه وتصير أوقاتهم فيما يتعاطونه من المعاملات مضبوطة فقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>