وأدار مجالس الاذكار بالليل والنهار واحيا طريق القوم بعد دروسها وأنقذ من ورطة الجهل مهجا من عي نفوسها فبلغ هدية الاقطار كلها وصار في كثير من قرى مصر نقيب وخليفة وتلامذة واتباع يذكرون الله تعالى ولم يزل امره في ازدياد وانتشار حتى بلغ سائر اقطار الأرض. وسار الكبار والصغار والنساء والرجال يذكرون الله تعالى بطريقته وصار خليفة الوقت وقطبه ولم يبق ولي من أهل عصره إلا أذعن له وحين تصدى للتسليك وأخذ العهود أقبل عليه الناس من كل فج وكان في بدء الأمر لا يأخذون إلا بالاستخارة والاستشارة وكتابة اسمائهم ونحو ذلك فكثر الناس عليه وكثر الطلب فأخبر شيخه السيد الصديقي بذلك فقال له: لا تمنع أحدا يأخذ عنك ولو نصرانيا من غير شرط واسلم على يديه خلق كثير من النصارى وأول من أخذ عنه الطريق وسلك على يديه الولي الصوفي العالم العلامة المرشد الشيخ أحمد البناء الفوي ثم تلاه من ذكر وغيرهم وكان أستاذه السيد يثني عليه ويمدحه ويراسله نظما ونثرا ويترجمه بالاخ ولولا رآه قسيما له في الحال ما صدر عنه ذلك المقال حتى أنه قال له: يوما إني اخشى من دعائكم لي بالاخ لأنه خلاف عادة الأشياخ مع المريدين فقال له: لا تخش من شيء وامتدحه أشياخه ومعاصروه وتلامذته. توفي رضي الله عنه يوم السبت قبل الظهر سابع عشري ربيع الأول سنة ١١٨١ ودفن يوم الأحد بعد أن صلي عليه في الأزهر في مشهد عظيم جدا وكان يوم هول كبير وكان بين وفاته ووفاة الأستاذ الملوي ثلاثة عشر يوما ومن ذلك التاريخ ابتدأ نزول البلاء واختلال أحوال الديار المصرية وظهر مصداق قول الراغب أن وجوده أمان على أهل مصر من نزول البلاء وهذا من المشاهد المحسوس وذلك أنه لم يكن في الناس من يصدع بالحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقيم الهدى فسد نظام العالم وتنافرت القلوب ومتى تنافرت القلوب نزل البلاء ومن المعلوم المقرر أن صلاح