النابلسي وأرباب العكاكيز والخدم والوجاقلية. ولم يزل في سيره حتى وصل إلى جهة غزة وارتجت البلاد لوروده ولم يقف أحد في وجهه وتحصن أهل يافا بها وكذلك الظاهر عمر تحصن بعكا فلما وصل إلى يافا حاصرها وضيق على أهلها وامتنعوا هم أيضا عليه وحاربوه من داخل وحاربهم من خارج ورمى عليهم بالمدافع والمكاحل والقنابر عدة أيام وليالي فكانوا يصعدون إلى أعلى السور ويسبون المصريين وأميرهم سبا قبيحا. فلم يزالوا بالحرب عليها حتى نقبوا أسوارها وهجموا عليها من كل ناحية وملكوها عنوة ونهبوها وقبضوا على أهلها وربطوهم في الحبال والجنازير وسبوا النساء والصبيان وقتلوا منهم مقتلة عظيمة. ثم جمعوا الأسرى خارج البلد ودوروا فيهم السيف وقتلوهم عن آخرهم ولم يميزوا بين الشريف والنصراني واليهودي والعالم والج أهل والعامي والسوقي ولا بين الظالم والمظلوم وربما عوقب من لا جنى وبنوا من رؤوس القتلى عدة صوامع ووجوهها بارزة تنسف عليها الاتربة والرياح والزوابع ثم ارتحل عنها طالبا عكا فلما بلغ الظاهر عمر ما وقع بيافا اشتد خوفه وخرج من عكا هاربا وتركها وحصونها فوصل إليها محمد بك ودخلها من غير مانع وأذعنت له باقي البلاد ودخلوا تحت طاعته وخافوا سطوته وداخل محمد بك من الغرور والفرح مالا مزيد عليه وما آل به إلى الموت والهلاك. وأرسل بالبشائر إلى مصر والأمراء بالزينة فنودى بذلك وزينت مصر وبولاق والقاهرة وخارجها زينة عظيمة وعمل بها وقدات وشنكات وحراقات وأفراح ثلاثة أيام بلي إليها وذلك في أوائل ربيع الثاني. فعند انقضاء ذلك ورد الخبر بموت محمد بك واستمر في كل يوم يفشو الخبر وينمو ويزيد ويتناقل ويتأكد حتى وردت السعاة بتصحيح ذلك وشاع في الناس وصاروا يتعجبون ويتلون قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} .