آية من كتاب الله تعالى. وكثيرا ما كان يقتصر على الخبز والزيت ويؤكل في بيته خواص الأطعمة وكان غالب أكله الرز بالزيت وتارة بالسمن البقرى وقل ما تراه في خلوته أو مع أصحابه إلا وهو مشغول في وظائف أوراد. وقال لي: مرة ربما أكون مع أولادى ألاعبهم وأضاحكهم وقلبي في العالم العلوى في السماء الدنيا أو الثانية أو الثالثة أو العرش وكثيرا ما كان تفيض على قلبه معرفة الحق سبحانه وتع إلى فيجعل يبكي ولا يشعر به جليسه. وقلت يوما للعارف بالله تعالى خليفته سيدى محمد بدير القدسي من كرامات الأستاذ أنه لا يسمع شيئا من العلم إلا حفظه ولا يزول من ذهنه ولو بعد حين فقال لي رضي الله عنه: بل الذي يعد من كرامات الشيخ أنه لا يسمع شيئا من العلم النافع إلا ويعمل به في نفسه ويداوم عليه. فقلت صدقت هذا والله حاله وكنت مرة أسمعته رياض الرياحين لليافعي فلما أكملته قال لي: بمحضر من أصحابه هل يوجد الآن مثل هؤلاء الرجال المذكورين في هذا الكتاب تكون لهم الكرامات فقال له بعض الحاضرين: الخير موجود يا سيدى في أمة الرسول عليه الصلاة والسلام فقال الشيخ: قد وقع لي في الطريق أبلغ من ذلك واحكي لكم عما وقع لي في ليلتي هذه كنت قاعدا أقرأ في أورادي فعطشت وكان الزمن مصيفا والوقت حارا وأم الأولاد نائمة فكرهت أن اوقظها شفقة عليها فما استتم هذا الخاطر حتى رأيت الهواء قد تجسم لي ماء حتى صرت كأني في غدير من الماء وما زال يعلو حتى وصل إلى فمي فشربت ماء لم أشرب مثله ثم أنه هبط حتى لم يبق قطرة ماء ولم يبتل مني شيء. وبردت ليلة في ليالي الشتاء بردا شديدا وأنا قاعد أقرأ في وردى وقد سقط عني حرامي الذي أتغطى به وكان إذا سقط عنه غطاؤه لا يستطيع أن يرفعه بيده لضعف يده قال: فأردت أن أوقظ أم الأولاد فأخذتني الشفقة عليها فما تم هذا الخاطر حتى رأيت كانونا عظيما ملآنا من الجمر وضع بين يدى وبقى.