وفي يوم الجمعة رابع عشر الحجة رسم مراد بك بنفي رضوان بك قرابة علي بك الكبير الذى كان خامر على إسمعيل بك وحسن بك الجداوى وحضر مصر صحبة مراد بك كما تقدم وانضم إليه وصار من خاصته فلما خرج إبراهيم بك من مصر اشيع أنه يريد صلحه مع إسمعيل بك وحسن بك بك فصار رضوان بك كالجملة المعترضة فرسم مراد بك بنفيه فسافر من ليلته إلى الأسكندرية.
وفي يوم السبت خامس عشرة أرسل مراد بك إلى الباشا وأمره بالنزول فأنزلوه إلى قصر العيني معزولا وتولى مراد بك قائم مقام وعلق الستور على بابه فكانت ولاية هذا الباشا أحد عشر شهرا سوى الخمسة أشهر التي أقامها بثغر سكندرية وكانت أيامه كلها شدائد ومحنا وغلاء.
وفي أواخر شهر الحجة شرع مراد بك في اجراء الصلح بينه وبين إبراهيم بك فأرسل له سليمان بك الأغا والشيخ أحمد الدردير ومرزوق بك ولده فتهيأوا وسافروا في يوم السبت ثامن عشرينه.
وانقضت هذه السنة كالتي قبلها في الشدة والغلاء وقصور النيل والفتن المستمرة وتواتر المصادرات والمظالم من الأمراء وانتشار أتباعهم في النواحي لجبي الأموال من القرى والبلدان واحداث أنواع المظالم ويسمونها مال الجهات ودفع المظالم والفردة حتى أهل كوا الفلاحين وضاق ذرعهم واشتد كربهم وطفشوا من بلادهم فحولوا الطلب على الملتزمين وبعثوا لهم المعينين في بيوتهم فاحتاج مساتير الناس لبيع أمتعتهم ودورهم ومواشيهم بسبب ذلك مع ما هم فيه من المصادرات الخارجة عن ذلك وتتبع من يشم فيه رائحة الغنى فيؤخذ ويحبس ويكلف بطلب اضعاف ما يقدر عليه وتو إلى طلب السلف من تجار البن والبهار عن المكوسات المستقيلة. ولما تحقق التجار عدم الرد استعوضوا خساراتهم من زيادة الأسعار ثم مدوا أيديهم إلى المواريث فإذا مات الميت أحاطوا بموجوده.