للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء كان له وارث أولا. وصار بيت المال من جملة المناصب التي يتولاها شرار الناس بجملة من المال يقوم بدفعه في كل شهر ولا يعارض فيما يفعل في الجزئيات وأما الكليات فيختص بها الأمير. فحل بالناس مالا يوصف من أنواع البلاء إلا من تداركه الله برحمته أو اختلس شيئا من حقه فإن اشتهروا عليه عوقب على استخراجه. وفسدت النيات وتغيرت القلوب ونفرت الطباع وكثر الحسد والحقد في الناس لبعضهم البعض فيتتبع الشخص عورات أخيه ويدلي به إلى الظلم حتى خرب الاقليم وانقطعت الطرق وعربدت أولاد الحرام وفقد الأمن ومنعت السبل إلا بالخفارة وركوب الغرر وجلت الفلاحون من بلادهم من الشراقي والظلم وانتشروا في المدينة بنسائهم وأولادهم يصيحون من الجوع ويأكلون ما يتساقط في الطرقات من قشور البطيخ وغيره فلا يجد الزبال شيئا يكنسه من ذلك واشتد بهم الحال حتى أكلوا الميتات من الخيل والحمير والجمال فإذا خرج حمار ميت تزاحموا عليه وقطعوه وأخذوه ومنهم من يأكله نيئا من شدة الجوع ومات الكثير من الفقراء بالجوع. هذا والغلاء مستمر والأسعار في الشدة وعز الدرهم والدينار من أيدى الناس وقل التعامل إلا فيما يؤكل وصار سمر الناس وحديثهم في المجالس ذكر المآكل والقمح والسمن ونحو ذلك لا غير ولولا لطف الله تعالى ومجيء الغلال من نواحي الشام والروم لهلكت أهل مصر من الجوع. وبلغ الأردب من القمح ألفا وثلثمائة نصف فضة والفول والشعير قريبا من ذلك وأما بقية الحبوب والابزار فقل أن توجد. واستمر ساحل الغلة خاليا من الغلال بطول السنة والشون كذلك مقفولة وارزاق الناس وعلائفهم مقطوعة وضاع الناس بين صلحهم وغبنهم وخروج طائفة ورجوع الاخرى ومن خرج إلى جهة قبض أموالها وغلالها. وإذا سئل المستقر في شيء تعلل بما ذكر. ومحصل هذه الافاعيل بحسب الظن الغالب انها حيل على سلب الأموال والبلاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>