وفي شهر رجب زاد أمر الطاعون وقوى عمله بطول شهر رجب وشعبان وخرج عن حد الكثرة ومات به ما لا يحصى من الاطفال والشبان والجواري والعبيد والمماليك والأجناد والكشاف والأمراء ومن أمراء الالوف الصناجق نحو اثنى عشر صنجقا ومنهم إسمعيل بك الكبير المشار إليه وعسكر القليونجية والارنؤد الكائنون ببولاق ومصر القديمة والجيزة حتى كانوا يجفرون حفر المن بالجيزة بالقرب من مسجد أبي هريرة ويلقونهم فيها وكان يخرج من بيت الأمير في المشهد الواحد الخمسة والستة والعشرة وازدحموا على الحوانيت في طلب العدد والمغسلين والحمالين ويقف في انتظار المغسل أو المغسلة الخمسة والعشرة ويتضاربون على ذلك ولم يبق للناس شغل إلا الموت وأسبابه فلا تجد إلا مريضا أو ميتا أو عائدا أو معزيا أو مشيعا أو راجعا من صلاة جنازة أو دفن أو مشغولا في تجهيز ميت أو باكيا على نفسه موهوما ولا تبطل صلاة الجنائز من المساجد والمصليات ولا يصلي إلا على أربعة أو خمسة أو ثلاثة وندر جدا من يشتكي ولا يموت وندر أيضا ظهور الطعن ولم يكن بحمي بل يكون الإنسان جالسا فيرتعش من البرد فيدثر فلا يفيق إلا مخلطا أو يموت من نهاره أو ثاني يوم وربما زاد أو نقص أو كان بخلاف ذلك وكان شبيها بفصل البقر الذي تقدم واستمر عمله إلى أوائل رمضان ثم ارتفع ولم يقع بعد ذلك إلا قليلا نادرا ومات الاغا والوالي في اثناء ذلك فولوا خلافهما فماتا بعد ثلاثة أيام فولوا خلافهما فماتا أيضا واتفق أن الميراث انتقل ثلاث مرات في جمعة واحدة ولما مات إسمعيل بك تنازع الرياسة حسن بك الجداوي وعلي بك الدفتردار ثم اتفقوا على تامير عثمان بك طبل تابع إسمعيل بك على مشيخة البلد وسكن ببيت سيده وقلدوا حسن بك قصبة رضوان أمير حاج ثم أنهم أظهروا الخوف والتوبة والاقلاع وابطإل الحوادث والمظالم وزيادات المكوس ونادوا بذلك وقلدوا أمراء عوضا عن المقبورين من مماليكهم