تصاوير سواد في بياض ووضعوا قبالة باب الهواء بالبركة شبه بوابة كبيرة عالية من خشب مقفص وكسوها بالقماش المدهون مثل لون الصاري وفي أعلى القوصرة طلاء أبيض وبه تصاوير بالأسود مصور فيه مثل حرب المماليك المصرية معهم وهم في شبه المنهزمين بعضهم واقع على بعض وبعضهم متلفت إلى خلف وعلى موازاة ذلك من الجهة الأخرى بناحية قنطرة الدكة التي يدخل منها الماء إلى البركة مثال بوابة أخرى على غير شكلها لأجل حراقة البارود وأقاموا أخشابا كثيرة منتصبة مصطفة منها إلى البوابة الاخرى شبه الدائرة متسعة محيطة بمعظم قضاء البركة بحيث صار عامود الصاري الكبير المنتصف المذكور في المركز وربطوا بين تلك الاخشاب حبالا ممتدة وعلقوا بها صفين من القناديل وبين ذلك تماثيل لحراقة البارود أيضا وأقاموا في عمل ذلك عدة أيام.
واستهل شهر ربيع الثاني بيوم الأربعاء سنة ١٢١٣ فيه وردت الأخبار بأن مراد بك ومن معه لما بلغه ورود الفرنسيس عليهم رجعوا إلى جهة الفيوم وأن عثمان بك الأشقر عدى إلى البر الشرقي وذهب من خلف الجبل إلى أستاذه إبراهيم بك بغزة وخرج جماعة من الفرنساوية إلى جهة الشرق ومعهم عدة جمال وأحمال فخرج عليهم الغزو العرب الذين يصحبونهم فأخذوا منهم عدة جمال باحمالها ولم يلحقوهم.
وفي ثالثه حضرت مكاتبة من إبراهيم بك خطابا للمشايخ وغيرهم مضمونها انكم تكونون مطمئنين ومحافظين على أنفسكم والرعية وأن حضرة مولانا السلطان وجه لنا عساكر وإن شاء الله تعالى عن قريب نحضر عندكم فلما وردت تلك المكاتبة وقد كان سأل عنها بونابارته فأرسلوها له وقرئت عليه فقال المماليك: كذابون ووافق أيضا أنه حضر آغا رومي وكان معوقا بالاسكندرية فمر بالشارع وذهب لزيارة المشهد الحسيني فشاهده الناس فاستغربوا هيئته وفرحوا برؤيته وقالوا: هذا رسول الحي حضر من عند السلطان بجواب للفرنسيس يأمرهم بالخروج من مصر