الفرنساوية وشرعوا في هدم التراكيب المبنية على المقابر بتربة الأزبكية وتمهيدها بالأرض فشاع الخبر بذلك وتسامع أصحاب الترب بتلك البقعة فخرجوا من كل حدب ينسلون وأكثرهم النساء الساكنات بحارات المدابغ وباب اللوق وكرم الشيخ سلامة والفوالة والمناصرة وقنطرة الأمير حسين وقلعة الكلاب إلى أن صاروا كالجراد المنتشر ولهم صياح وضجيج واجتمعوا بالازبكية ووقفوا تحت بيت صارى عسكر فنزل لهم المترجمون واعتذروا بأن صارى عسكر لاعلم له بذلك الهدم ولم يأمر به وإنما أمر بمنع الدفن فقط فرجعوا إلى أماكنهم ورفع الهدم عنهم.
وفيه كتبوا من المشايخ كتابا ليرسلوه إلى السلطان وآخر إلى شريف مكة ثم أنهم بصموا منه عدة نسخ ولصقوها بالطرق والمفارق وصورته ملخصا بعد الصدر وذكر ورودهم وقتالهم مع المماليك وهروبهم وأن جماعة من العلماء ذهبت إليهم بالبر الغربي فأمنوهم وكذلك الرعية دون المماليك وذكروا فيه أنهم من اخصاء السلطان العثماني وأعداء اعدائه وأن السكة والخطبة بأسمه وشعائر الإسلام مقامة على ما هي عليه وباقية بمعنى الكلام السابق من قولهم أنهم مسلمون وأنهم محترمون القرآن والنبي وأنهم اوصلوا الحجاج المتشتتين وأكرموهم وأركبوا الماشي واطعموا الجيعان وسقوا العطشان واعتنوا بيوم الزينة يوم جبر البحر وعملوا له شأنا ورونقا استجلا بالسرور المؤمنين وانفقوا أموالا برسم الصدقة على الفقراء وكذلك اعتنوا بالمولد النبوي وأنفقوا اموالا في شأن انتظامه وتفق رأينا ورأيهم على لبس حضرة الجناب المحترم مصطفى أغا كتخدا بكر باشا والي مصر حالا فاستحسنا ذلك لبقاء علقة الدولة العلية وهم أيضا مجتهدون في إتمام مهمات الحرمين وأمرونا أن نعلمكم بذلك والسلام.
وفيه وقعت حادثة جزئية من جملة الجزئيات وهو أن رجلا صيرفيا بجوار حارة الجوانية وقع من لفظه أنه قال السيد أحمد البدوي بالشرق والسيد إبراهيم الدسوقي بالغرب: يقتلان كل من يمر عليهما من النصارى