فلما رأى الصناجق والأمراء ذلك منهم خافوهم وقالوا هذه أيام تحصيل الخزينة ونخشى وقوع امره من هؤلاء الجماعة يؤدي إلى تعطيل المال فاجتمع رأي الصناجق وأهل الوجاقات الست على نفي ستة أشخاص من الينكجرية الذين بيدهم الحل والعقد ويخرجونهم من مصر إلى بلاد التزامهم تسكينا للفتنة حتى يأتي جواب العرض. فلما بلغ الينكجرية ما دبروه اجتمعوا في بابهم في عددهم وعددهم فلم يلتفتوا إلى فعلهم وقالوا لا بد من نفيهم أو محاربتهم. واجتمعوا كذلك في ابوابهم واستعد الينكجرية في بابهم وشحنوه بالاسلحة والذخيرة والمدافع فحصل لأهل البلد خوف وانزعاج وأغلقوا الدكاكين وذلك سابع عشر ربيع الأول ونقل الجاويشية مطبخهم من القلعة من النوبة إلى منزل كتخدا الجاويشية وأقام طائفة الينكجرية منهم طوائف محافظين على أبواب القلعة وباب الميدان والسحراء الذي بالمطبخ الموصل إلى القرافة خوفا من أن العسكر يستميلون الباشا وينزلونه الميدان لأنهم كانوا أرسلوا له كتخد الجاويشية وطلبوا منه النزول إلى قراميدان ليتداعوا مع الينكجرية على بد قاضي العسكر فلم تمكنهم الينكجرية من ذلك وحصل لكتخدا الجاويشية ومن معه مشبقة في ذلك اليوم من المذكورين عند عودهم من عند الباشا وما خلصوا إلا بعد جهد عظيم.
وفي يوم الخميس عشري ربيع الأول اجتمع الصناجق والعسكر واختاروا محمد بك الذي كان بالصعيد لحصار القلعة من جهة القرافة على جبل الجيوشي بالمدافع والعسكر ففعل ما أمروا به وخافت العسكر وقوع نهب بالمدينة فعينوا مصطفى اغا أغات الجراكسة يطوف في اسواق البلد وشوارعها. كما كان يفعل في زمن عزل الباشا.
وفي يوم السبت ثاني عشرينه اجتمع الأمراء الصناجق والاسباهية بالرذيلة وعينوا أحمد بك المعروف بافرنج أحمد أغات التفكجية ليحاصروا طائفة الينكجرية من بابهم المتوصل منه إلى المحجر وباب الوزير.