للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن في يوم الجمعة حادي عشرينه قصدنا أن نطير مركبا ببركة الأزبكية في الهواء بحيلة فرنساوية فكثر لغط الناس في هذا كعادتهم فلما كان ذلك اليوم قبل العصر تجمع الناس والكثير من الافرنج ليروا تلك العجيبة وكنت بجملتهم فرأيت قماشا على هيئة الأدية على عمود قاتم وهو ملون احمر وأبيض وأزرق على مثل دائرة الغربال وفي وسطه مسرجة بها فتيلة مغموسة ببعض الأدهان وتلك المسرجة مصلوبة بسلوك من حديد منها إلى الدائرة وهي مشدودة ببكر واحبال واطراف الاحبال بأيدي أناس قائمين باسطحة البيوت القريبة منها فلما كان بعد العصر بنحو ساعة أوقدوا تلك الفتيلة فصعد دخانها إلى ذلك القماش وملأه فانتفخ وصار مثل البكرة وطلب الدخان الصعود إلى مركزه فلم يجد منفذا فجذبها معه إلى العلو فجذبها بتلك الاحبال مساعدة لها حتى ارتفعت عن الأرض فقطعوا تلك الحبال فصعدت إلى الجو مع الهواء ومشت هنيهة لطيفة ثم سقطت طارتها الفتيلة وسقط أيضا ذلك القماش وتناثر منها أوراق كثيرة من نسخ الأوراق المبصومة فلما حصل لها ذلك انكسف طبعهم لسقوطها ولم يتبين صحة ما قالوه من أنها على هيئة مركب تسير في البلاد البعيدة لكشف الأخبار وإرسال المراسلات بل ظهر أنها مثل الطيارة التي يعملها الفراشون بالمواسم والافراح.

وفي تلك الليلة طاف منهم أنفار بالأسواق ومعهم مقاطف بها لحوم مسمومة فأطعموها للكلاب فمات منها جملة كثيرة فلما طلع النهار وجد الناس الكلاب مرمية وطرحى بالأسواق وهي موتى فأستأجروا لها من أخرجها إلى الكيمان وسبب ذلك أنهم لما كانوا يمرون بالأسواق في الليل وهم سكوت كانت الكلاب تنبحهم وتعدو خلفهم ففعلوا بها ذلك وارتاحوا هم والناس منها.

وفي خامس عشرينه سافر عدة عساكر إلى جهة مراد بك وكذلك إلى جهة كرداسة بسبب العربان وكذلك إلى السويس الصالحية وأخذوا جمال

<<  <  ج: ص:  >  >>