للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدر النغم ضربا شديدا مع ارتفاع اصواتهم وتقف جماعة أخرى قبالة الذين يضربون بالدفوف فيضعون اكتافهم في اكتاف بعض لا يخرج واحد عن الآخر ويلتوون وينتصبون ويرتفعون وينخفضون ويضربون الأرض بأرجلهم كل ذلك مع الحركة العنيفة والقوة الزائدة بحيث لا يقوم هذا المقام إلا كل من عرف بالقوة وهذه الحركات والايقاعات على نمط الضرب بالدفوف فيقع بالمسجد دوى عظيم وضجات من هؤلاء ومن غيرهم من جماعة الفقراء كل أجد له طريقة وكيفية تباين الأخرى هذا مع ما ينضم إلى ذلك من جمع العوام وتحلقهم بالمسجد للحديث والهذيان وكثرة اللغط والحكايات والاضاحيك والتلفت إلى حسبان الغلمان الذين يحضرون للتفرج والسعي خلفهم والافتتان بهم ورمى قشور اللب والمكسرات والمأكولات في المسجد وطواف الباعة بالمأكولات علىالناس فيه وسقاة الماء فيصير المسجد بما اجتمع فيه من هذه القاذورات والعفوش ملتحقا بالأسواق الممتهنة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم زاد الحال على ذلك بقدوم جماعة الإشاير من الحارات البعيدة والقريبة وبين أيديهم مناور القناديل والجوامع العظيمة التي تحملها الرجال والشموع والطبول والزمور ويتكلمون بكلام محرف يظنون أنه ذكر وتوسلات يثابون عليها وينسبون من يلومهم أو يعترضهم إلى الأعتزال والخروج والزندقة وغالبهم السوقة وأهل الحرف السافلة ومن لا يملك قوت ليلته فتجد أحدهم يجتهد بقوة سعيه ويبيع متاعه أو يستدين الجملة من الدراهم ويصرفها في وقود القناديل وأجرة الطبالة والزمارة وكل يجتمع عليه ما هو من أمثاله من الحرافيش ثم يقطع ليلته تلك سهرانا ويصبح دايخا كسلانا ويظن أنه بات يتعبد ويذكر ويتهجد واستمر هذا المولد أكثر من عشر سنين ولم يزدد الناذر لذلك إلا مرضا ومقتا واستجلب خدمة الضريح مالاح لهم من خساف العقول مثل الشمع والدراهم واتخذوا ذلك حبالة لاكل أموال الناس بالباطل فلما حصلت هذه الحادثة بمصر ترك هذا المولد في جملة المتروكات ثم حصلت الفتنة التي حصلت وسكن هذا الفرنساوي

<<  <  ج: ص:  >  >>