فارتحل مقهورا إلى نابلس فمات هناك بقهره وحضر من بقى من مماليكه إلى مصر وسكنوا بداره التي بها مملوكه عثمان كاشف وابنته التي تركها بمصر صغيرة وقد كبرت وتأهلت للزواج فتزوج بها خازنداره الذي حضر وهو الآن مقيم معها صحبة خشداشينه ببيتها الذي بدرب الحجر.
وكان المترجم أميرا لا بأس به يميل إلى فعل الخير حسن الأعتقاد ويحب أهل العلم والفضائل ويعظمهم ويكرمهم ويقبل شفاعاتهم وفيه رقة طبع وميل للخلاعة والتجاهر غفر الله له وسامحه.
ومات أيضا الأمير أيوب بك الدفتردار وهو من مماليك محمد بك تولى الأمارة والصنجقية بعد موت أستاذه وقد تقدم ذكره غير مرة وكان ذا دهاء ومكر ويتظاهر بالانتصار للحق وحب الأشراف والعلماء ويشتري المصاحف والكتب ويحب المسامرة والمذاكرة وسير المتقدمين ويواظب على الصلاة في الجماعة ويقضي حوائج السائلين والقاصدين بشهامة وصرامة وصدع للمعاند خصوصا إذا كان الحق بيده ويتعلل كثير بمرض البواسير وسمعت من لفظه رؤيا رآها قبل ورود الفرنسيس بنحو شهرين تدل على ذلك وعلى موته في حربهم.
ولما حصل ذلك وحضروا إلى بر انبابة عدى المترجم قبل بيومين وصار يقول أنا بعت نفسي في سبيل الله فلما التقى الجمعان لبس سلاحه بعد ما توضأ وصلى ركعتين وركب في مماليكه وقال: اللهم إني نويت الجهاد في سبيلك واقتحم مصاف الفرنساوية وألقى نفسه في نارهم واستشهد في ذلك اليوم وهي منقبة اختص بها دون أقرانه بل ودون غيرهم من جميع أهل مصر.
ومات الأمير صالح بك أمير الحاج في تلك السنة وهو أيضا من مماليك محمد بك أبي الذهب وتولى زعامة مصر بعد إبراهيم بك الوالي واحسن فيها السيرة ولم يتشك منه أجد ولم يتعرض لاحد بأذية وتقلد أيضا كتخدا الجاويشية عندما خرج إبراهيم بك مغاضبا لمراد بك وكان خصيصا به فلما اصطلحا ورجع إبراهيم بك وعلي اغا كتخدا الجاويشية