تقلد على منصبه كما كان واستمر المنترجم بطالا لكنه وافر الحرمة معدودا في الأعيان ولما خرجوا من مصر في حادثة حسن باشا ارسله خشداشينه إلى الروم وكاد يتم لهم الأمر فقبض عليه حسن باشاوكان إذ ذاك بالعرضي في السفر ولما رجعوا إلى مصر بعد موت إسمعيل بك سكن ببيت البارودي وتزوج بزوجته وهي أم أيوب التي كانت سرية مراد بك ثم سافر ثانيا إلى الروم بمراسلة وهدية وقضى اشغاله ورجع بالوكالة وأخذ بيت الحبانية من مصطفى اغا وعزله من وكالة دار السعادة وسكن بالبيت واختص بمراد بك اختصاصا زائدا وبنى له دار بجانبه بالجيزة وصار لا يفارقه قط وصار هو بابه الأعظم في المهمات وكان فصيح اللسان مهذب الطبع يفهم بالاشارة يظن من يراه أنه من أولاد العرب لطلاقة لسانه وفصاحة كلامه ويميل بطبعه إلى الخلاعة وسماع الالحان والأوتار ويعرف طرقها ويباشر الضرب عليها بيده ثم ولى الصنجقية وتقلد امارة الحج سنة ١٢١٢ وتمم اشغاله وأموره ولوازمه على ما ينبغي وطلع بالحج في تلك السنة في أبهة عظيمة على القانون القديم في أمن وأمان ورخاء وسخاء وراج موسم التجار في تلك السنة إلى الغاية.
وفي أيام غيابه بالحج وصل الفرنساوية إلى القطر المصري وطار إليهم الخبر بسطح العقبة وأرسلوا من مصر مكاتبة بالأمان وحضوره بالحج في طائفة قليلة فأرسل إليهم إبراهيم بك يطلبهم إلى بلبيس فعرج المترجم بالحاج إلى بلبيس وجرى ما تقدم ذكره ولم يزل حتى مات بالديار الشامية وبعد مدة أرسلت زوجته فأحضرت رمته ودفنتها بمصر بتربة المجاورين.
ومات العمدة الفاضل والنحرير الكامل الفقيه العلامة السيد مصطفى الدمنهوري الشافعي تفقه على أشياخ العصر وتمهر في المعقولات ولازم الشيخ عبد الله الشرقاوي ملازمة كلية واشتهر بنسبته إليه ولما ولى مشيخة الأزهر صار المترجم عنده هو صاحب الحل والعقد في القضايا والمهمات والمراسلات عند الأكابر والأعيان وكان عاقلا ذكيا وفيه ملكة واستحضار جيد للفروع الفقهية وكان يكتب على الفتاوى على لسان