مكاتبة من كبير الفرنساوية أنه وصل إلى الصالحية وأرسل دوجا الوكيل ونبه على الناس بالخروج لملاقاته بموجب ورقة حضرت من عنده يأمر بذلك.
فلما كان ليلة الجمعة عاشره أرسلوا إلى المشايخ والوجاقات وغيرهم فاجتمعوا بالازبكية وقت الفجر بالمشاعل ودقت الطبول وحضر الحكام والقلقات بمواكب وطبول وزمور ونوبات تركية وطبول شامية وملازمون وجاويشية وغير ذلك وحضر الوكيل وقائمقام وأكابر عساكرهم وركبوا جميعا بالترتيب من الأزبكية إلى أن خرجوا إلى العادلية فقابلوا سارى عسكر بونابارته هناك وسلموا عليه ودخل معهم إلى مصر من باب النصر بموكب هائل بعساكرهم وطبولهم وزمورهم وخيولهم وعرباتهم ونسائهم وأطفالهم في نحو خمس ساعات من النهار إلى أن وصل إلى داره بالازبكية وانفض الجمع وضربوا عدة مدافع عند دخولهم المدينة وقد تغيرت ألوان العسكر القادمين واصفرت ألوانهم وقاسوا مشقة عظيمة من الحر والتعب وأقاموا على حصار عكا أربعة وستين يوما حربا مستقيما ليلا ونهارا وأبلى أحمد باشا وعسكره بلاء حسنا وشهد له الخصم.
وفيه قبضوا على إسمعيل القلق الخربطلي وهو المتولي كتخدا العزب وكان ساكنا بخط الجمالية وأخذوا سلاحه واصعدوه إلى القلعة وحبسوه والسبب في ذلك أنه عمل تلك الليلة وليمة ودعا أحبابه وأصدقاءه وأحضر لهم آلات اللهو والطرب وبات سهرانا بطول الليل فلما كان آخر الليل غلب عليهم السهر والسكر فناموا إلى ضحوة النهار وتأخر عن الملاقاة فلما أفاق ركب ولاقاهم عند باب النصر فنقموا عليه بذلك وفعلوا معه ما ذكر ولما وصل سارى عسكر الفرنساوية إلى داره بالازبكية تجمع هناك أرباب الملاهي والبهالوين وطوائف الملاعبين والحواة والقرادين والنساء الراقصات والخلابيض ونصبوا أراجيح مثل أيام الأعياد والمواسم واستمروا على ذلك ثلاثة أيام وفي كل يوم من تلك الأيام يعملون شنكا وحراقات ومدافع وسواريخ ثم انفض الجمع بعد ما أعطاهم سارى عسكر دراهم وبقاشيش