للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورأيت مبرمان١ أيضا قد تابعه على ذلك، وإذا استمر هذا على أبي إسحاق٢ مع فحصه واستنباطه، كان على مبرمان -لأنه لعله لم يستنبط حرفا- أجوز وأحرى.

ولست أرى للقضاء بزيادة هذه الهمزة وجها من طرق القياس، وذلك أنها ليست بأول، فيقضى بزيادتها، ولا تجد فيها معنى غرق، اللهم إلا أن تقول: إن الغرقئ يشتمل على جميع ما تحته من البيض ويغترفه.

وهذا عندي فيه بعد، ولو جاز اعتقاد مثله على ضعفه، لجاز لك أن تعتقد في همزة كرفئة٣ أنها زائدة، وتذهب إلى أنها من معنى كرف الحمار إذا رفع رأسه لشم البول، لأن السحاب أبدا، كما تراه، مرتفع، وهذا مذهب ضعيف، على أن أبا زيد قد حكى عنهم: غرقات٤ البيضة. وهذا قاطع.

وقرأت بخط أبي العباس محمد بن يزيد رحمه الله قال: يقال امرأة ضهياء: إذا لم يكن لها ثديان، مثل الجداء٥ والضهواء: للتي لا تحيض ولا ثدي لها.

وقد زيدت الهمزة أيضا في حطائط٦، لأنه الشيء الصغير المحطوط.

أنشد قطرب فيما رويناه عنه٧:

إن حري حطائط بطائط ... كأثر الضبي بجنب الغائط٨


١ مبرمان: هو محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر العسكري، أخذ عن المبرد، وأكثر بعده عن الزجاج، وأخذ عنه أبو علي الفارسي والسيرافي، توفي سنة ٣٤٥هـ.
٢ أبو إسحاق الزجاج: هو إبراهيم بن السري، من أئمة نحاة البصرة، أخذ عن ثعلب ثم عن المبرد ولزمه. مات ٣١١هـ.
٣ كرفئة: واحدة الكرفئ وهو سحاب متراكم. اللسان "٥/ ٣٨٥٩". مادة "كرفأ".
٤ غرقأت الدجاجة: باضت بيضة عليها الغرقئ، وقد سبق توضيحه. اللسان "٥/ ٣٢٤٦".
٥ الجداء: الغناء والنفع. مادة "جدى". اللسان"١/ ٥٢٧".
٦ يقال رجل حطائط: إذا كان قصيرا. اللسان "٢/ ٩١٤". مادة "حطط".
٧ البيت أنشده قطرب لأعرابية. ذكر ذلك صاحب اللسان في شرح مادة "حطط".
٨ الحطائط: الصغير. والحري: الفرج.
والبطائط: المشقوق. والظبي: الغزال
الشرح: تقول الشاعرة: إن فرجي قصير مشقوق كأثر الظبي بجوار الغائط.
الشاهد في قوله: "بطائط" فقد أتبعها لـ"حطائط" فزادت الهمزة.
وهذا البيت أنشده ابن جني في الإقواء ولو سكن فقال: بطائط وتنكب الإقواء، لكان أحسن.
إعراب الشاهد:
بطائط: خبر ثان لإن مرفوع وعلامة الرفع الضمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>