للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سحيم١:

وما دمية من دمى ميسنا ... ن معجبة نظرا واتصافا٢

أراد ميسان، فزاد نونا.

والعلة في قلب هذه الواو في هذا الموضع تاء، أنهم لو لم يقلبوها تاء، لوجب أن يقلبوها إذا انكسر ما قبلها ياء، فيقولوا: ايزن، ايتعد، ايتلج، فإذا انضم ما قبلها ردت إلى الواو فقالوا: موتعد، وموتزن، وموتلج، وإذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا، فقالوا: ياتعد، وياتزن، وياتلج، فلما كانوا لو لم يقلبوها تاء صائرين من قلبها مرة ياء، ومرة ألفا، ومرة واوا، إلى ما أريناه، أرادوا أن يقلبوها حرفا جلدا٣، تتغير أحوال ما قبلها وهو باق بحاله، وكانت التاء قريبة المخرج من الواو، لأنها من أصول الثنايا٤، والواو من الشفة، فأبدلوها تاء، وأدغموها في لفظ ما بعدها، وهو التاء، فقالوا: اتعد واتزن٥، وقد فعلوا هذا أيضا في الياء، وأجروها.


١ سحيم: عبد بني الحسحاس، وهو حلو الشعر رقيق الحواشي، وكان عبدا أسود، أعجمي ذو لكنة. روي نه أنشد أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-:
عميرة ودع إن تجهزت غاديا ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
قال له: لو قلت شعرك مثل هذا لعطيتك عليه.
٢ ميسنان: هي ميسان اسم كورة واسعة كثيرة القرى تقع بين البصرة وواسط وزاد فيها سحيم نونا للضرورة.
والشاهد في قوله "اتصافا" فقد قلبت الواو تاء.
إعراب الشاهد: اتصافا: معطوف منصوب بالتبعية وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
٣ حرفا جلدا: أي يحتمل الحركة.
٤ الثنايا: أربعة أسنان في مقدمة الفم، اثنتان في الفك الأعلى واثنتان في الفك الأسفل، والواحدة "ثنية". مادة "ثنى". اللسان "١/ ٥١٦"
٥ في هامش أحد النسخ الخطية، ولعله من كلام ابن هشام: "قال بعضهم التحقيق في "اتعد" أن الواو قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، كما في ميزان: ثم قلبت الياء تاء كما في اتسر، ثم أدغم، قلت: وعلى هذا يتجه أن يقال: فهلا اختص ببعض ما يتصرف فيه ذو الواو، كما في استنوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>