للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم إنه شبه هاء الوقف بهاء التأنيث، فلما احتاج لإقامة الوزن إلى حركة الهاء قلبها تاء، كما تقول في الوقف: هذا طلحة، فإذا وصلت صارت الهاء تاء، فقلت: هذا طلحتنا، فعلى هذا قال: العاطفونة.

ويؤنس بصحة هذا القول قليلا ما أنشدناه آنفا من قول الراجز١:

من بعدما وبعدما وبعدمت

صارت نفوس القوم عند الغلصمت٢

أراد: وبعدما، فأبدل الألف في التقدير هاء، فصار: وبعدمه، كما أبدلها الآخر من الألف، فقال -فيما أخبرنا به بعض أصحابنا يرفعه بإسناده إلى قطرب أيضا-:

قد وردت من أمكنه

من ها هنا ومن هنه

إن لم أروها فمه٣

يريد: من هنا، فأبدل في الوقف هاء، فقال: "من هنه".

فأما قوله: "فمه؟ " فالهاء فيه تحتمل تأويلين:


١ الراجز: هو من ينشد الرجز وهو بحر من بحور الشعر وزنه مستفعلن ست مرات ويأتي منه المشطور والمنهول. مادة "ر ج ز" اللسان "٣/ ١٥٨٨".
٢ سبق شرح هذه الأبيات والتعليق عليها وإعراب الشاهد فيها.
٣ هذه الأبيات لم نعثر على قائلها فيما بأيدينا من كتب اللغة.
ووردت: أي وصلت إلى الماء.
الشرح: لقد وصلت الإبل إلى الماء من أمكنة مختلفة من هنا ومن هنا ومن هناك وإن لم أستطع إرواء إبلي فاكفف عني لسانك، أو أن لم أستطع إرواء إبلي فماذا أصنع؟
الشاهد: في قلب الألف في "هنا" وفي "ما" هاء.
إعراب الشاهد:
هنا: اسم إشارة للمكان القريب مبني على السكون المطلق في محل جر.
ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره "أصنع".

<<  <  ج: ص:  >  >>