للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنه أراد: حثثوا، فأبدل من الثاء الوسطى حاء فمردود عندنا، وإنما ذهب إلى هذا البغداديون، وأبو بكر أيضا معهم.

وسألت أبا علي عن فساده فقال: العلة في فساده أن أصل القلب في الحروف، إنما هو فيما تقارب منها وذلك الدال والطاء والتاء، والذال والظاء والثاء، والهاء والهمزة، والميم والنون، وغير ذلك مما تدانت مخارجه.

فأما الحاء فبعيدة من الثاء، وبينهما تفاوت يمنع من قلب إحداهما إلى أختها.

قال: وإنما حثحث أصل رباعي، وحثث أصل ثلاثي، وليس واحد منهما من لفظ صاحبه، إلا أن حثحث من مضاعف الأربعة، وحثث من مضاعف الثلاثة، فلما تضارعا بالتضعيف الذي فيهما، اشتبه على بعض الناس أمرهما، وهذا هو حقيقة مذهبنا، ألا ترى أن أبا العباس١ قال في قول عنترة٢:

جادت عليه كل بكر ثرة

فتركن كل قرارة كالدرهم٣

ليس ثرة عند النحويين من لفظ ثرثارة٤، وإن كانت من معناها. هذا هو الصواب، وهو قول كافة أصحابنا.

على أن أبا بكر محمد بن السري قد كان تابع الكوفيين، وقال في هذا بقولهم، وإنما هذه أصول تقاربت ألفاظها، وتوافقت معانيها، وهي مع ذلك مضعفة.


١ أبو العباس: هو المبرد.
٢ عنترة: هو عنترة بن شداد بن قراد العبسي فارس بني عبس وشاعرهم أحب ابنة عمه عبلة، وقال فيها الشعر وعمر طويلا ومات قبيل البعثة.
٣ جادت: منت ومنحت. مادة "ج ود" اللسان "١/ ٧٢٠".
البكر: التي لم تتزوج مادة "ب ك ر" اللسان "١/ ٣٣٤". والثرة: كثيرة الكلام.
الشرح: ظلت الفتيات عليه حتى أنس إلى ذلك.
الشاهد: مجيء كلمة "ثرة" وهي بمعنى ثرثارة.
إعراب الشاهد: ثرة: نعت مجرور بالتبعية وعلامة جره الكسرة.
٤ ثرثارة: الذي يكثر الكلام في تكلف وخروج عن الحد، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أبغضكم إلي، الثرثارون المتفيهقون ". مادة "ث ر ر" اللسان "١/ ٤٧٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>