للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخبرني أيضا قال: قال الأصمعي أو أبو زيد "أشك أنا"١: رجل ويلمة: للداهية، فهذا أيضا من قولهم:

ويل ام سعد سعدا٢


١ التحقيق أن العبارة لأبي زيد لا للأصمعي، فقد جاء في النوادر له "ص٢٤٤": "ويقال: وهو رجل ويلمة والويلمة من الرجال الداهية، الذي لا يطاق".
وقال الرياشي "النوادر ص٢٤٤": رجل ويلمة والويلمة من الرجال الداهية.
وقد عقب أبو الحسن علي بن سليمان الأخفش الصغير، تلميذ المبرد عليهما فقال: "من كلام العرب السائر أن يقولوا للرجل الداهية: أنه لويل أمه صمحمحا، والصمحمح الشديد، هذا المعروف، والذي حكاه أبو زيد غير ممتنع، جعله اسما واحدا فأعربه، فأما حكاية الرياشي في إدخال الألف واللام على اسم مضاف، فلا أعلم له وجها.
ويدلك على ما قلناه ما أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد وغيره للحطيئة:
ويلمة مسعر حرب إذا ... غودر فيها وعليه الشليل
تشقى به الناب إذا ما شتا ... والفحل والمصعبة الخنشليل
والخنشليل هنا: الناقة المسنة.
وقال في اللسان مادة "ويل" "٦/ ٤٩٣٩": ورجل ويلمة "بكسر اللام" وويلمه "بضم اللام" كقولهم في المستجاد: ويلمه، يريدون: ويل أمه، كما يقولون: لاب لك، يريدون: لا أب لك، فركبوه، وجعلوه كالشيء الواحد. ثم قال: وفي الحديث في قوله لأبي بصير: ويلمه مسعر حرب، تعجبا من شجاعته وجرأته. وقيل: وي: كلمة مفردة، ولأمه: مفردة. وهي كلمة تفجع وتعجب، وحذفت الهمزة من أمه تخفيفا، وألقيت حركتها على اللام، وينصب ما بعدها على التمييز. والله أعلم.
٢ هذا بيت من المنسرح، وعروضه مكسوفة منهوكة، وقد استشهد به على ذلك صاحب متن الكافي: الشهاب أبو العباس أحمد بن عباد بن شعيب القناني "٨٠٦-٨٥٨"، وقال الشيخ محمد الدمنهوري شيخ الأزهر في التعليق عليه في حاشيته الكبرى "ص٧٧" ما نصه: "من كلام أم سعد بن معاذ رضي الله عنه لما مات ابنها سعد من جراحة أصابته في غزوة الخندق. والويل: العذاب والهلك. أي عذاب لأم سعد، فحذف تنوين ويل، واللام من أم للإضافة، والهمزة منها للضرورة، ومن غير الإضافة يقال: ويل لأم سعد كما علمت، كما يقال: ويل لزيد. وقوله سعدا: منصوب بنزع الخافض، أي من سعد.
واعلم أنه يجوز في ويل في نحو: ويل لزيد للرفع على الابتداء، والجار والمجرور: خبره، والمسوغ لوقوعه مبتدأ الدعاء، والنصب، فيقال: ويلا لزيد، بفعل محذوف وجوبا ليس من لفظه، وحينئذ قيل إنه مفعول به، وقيل: إنه مفعول مطلق. والتقدير على الأول: ألزمه الله الويل، وعلى الثاني: أهلكه.
كما ذكروا ذلك عند قول ابن مالك:
والحذف حتم مع آت بدلا ... من فعله كندلا اللذ كاندلا
فإن قلت: هل يجوز في ويل، في نحو هذا البيت الرفع، أو يتعين فيه النصب؟ قلت: يتعين فيه النصب، ولا يجوز فيه الرفع، وإن قاله بعضهم، فقد قال صاحب مختار الصحاح: تقول: ويل لزيد وويلا لزيد، فالرفع على الابتداء، والنصب: على إضمار الفعل، هذا إذا لم تضفه: فإن أضفته فليس فيه إلا النصب، لأنك لو رفعته لم يكن له خبر. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>