للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويؤنسك بجواز كون الثاء بدلا من الفاء إجماعهم في بيت امرئ القيس:

ومر على القنان من نفيانه ... فأنزل منه العصم من كل منزل١

على الفاء، ولم نسمعهم قالوا: نثوانه. وذهب بعض أهل التفسير في قوله عز اسمه: "وفومها" إلى أنه أراد الثوم، فالفاء على هذا بدل عنده من الثاء.

والصواب عندنا: أن الفوم الحنطة٢ وما يختبز من الحبوب، يقال: فومت الخبز، أي خبزته، وليست الفاء على هذا بدلا من الثاء.

واعلم أن الفاء إذا وقعت في أوائل الكلم غير مبنية من أصلها، فإنها في الكلام على ثلاثة أضرب: ضرب تكون فيه للعطف والإتباع جميعا، وضرب تكون فيه للإتباع مجردا من العطف، وضرب تكون فيه زائدة، دخولها كخروجها، إلا أن المعنى الذي تختص به وتنسب إليه، هو معنى الاتباع٣، وما سوى ذلك فعارض فيها غير ملازم لها.


١ البيت من معلقته، ورواية الأعلم الشنتمري للشطر الأول منه هكذا.
وألقى بسيان من الليل بركة
وفي رواية الزوزني والتبريزي كرواية المؤلف.
بسيان: جبل في ديار بني سعد.
الفنان جبل لبني أسد، وقيل جبل بأعلى نجد. مادة "ق ن ن" اللسان "٥/ ٣٧٥٩".
نفيان السحاب: ما نفاه من مائه فأساله، أو هو الرش والبرد في أول المطر.
العصم: جمع أعصم، وهو الوعل الذي في وظيفي يديه عصمة. أي بياض.
يريد أن المطرق لزم هذا الجبل حتى أنزله منهم العصم المستقرة فيه.
موضع الشاهد فيه: "ومر على القنان من نفيانه".
إعراب الشاهد: مر: فعل ماضي مبني على الفتح. على القنان: جار ومجرور.
من نفيانه: جار ومجرور، والهاء: في محل جر مضاف إليه.
٢ الحنطة: القمح "ج" حنط. مادة "ح ن ط" اللسان "٢/ ١٠٢٣".
٣ الظاهر من تمثيل المؤلف للأضربة الثلاثة. أنه يريد بالإتباع معنى التعقيب والربط.

<<  <  ج: ص:  >  >>