للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونعد، وتعد؛ ألا ترى أن هذه الأحرف الثلاثة محمولة على الياء في قولك: "يعد"؛ لأن الواو من "يعد" حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة، وحملت الهمزة والنون والتاء في هذا على الياء؛ فحذفت الواو معهن كما حذفت مع الياء لئلا يختلف الباب، وكما حذفت الهمزة من مضارع أكرم إذا قلت: "أكرم"، وأصلة "أؤكرم"، لاجتماع الهمزتين، ثم حملت النون في "نكرم"، والتاء في "تكرم"، والياء في "يكرم" على الهمزة في "أكرم"؛ فحذفت الهمزة معهن كما حذفت معها ليتفق الباب ولا تختلف أحوال حروف المضارعة.

فقال: الفرق بين الموضعين أن حروف المضارعة أشد اشتباه بعض ببعض من حروف العطف؛ وذلك أنها تجري مجرى الحرف الواحد؛ ألا ترى أن سيبويه قال: إنهم امتنعوا من إمالة فتحة تاء تحسب لكسرة سينها، من حيث كانت الياء في يحسب لا تجوز إمالتها استنكارًا للإمالة في الياء في "يحسب"؛ فدل ذلك على أن حروف المضارعة بعضها قوي الشبه ببعض أشد من قوة شبه حروف العطف بعضها ببعض.

ويؤكد عندك قوة اشتباه حروف المضارعة أن كل واحد منها على حرف واحد، وحروف العطف تجدها مختلفة أعداد الحروف، منها ما هو على حرف واحد، وهو الواو والفاء. ومنها ما هو على حرفين، وهي: "أو، ولا، وأم، وبل".

ومنها ما هو على ثلاثة أحرف، وهو "ثم". ومنها ما هو على أربعة أحرف، وهو "لكن، وإما، وحتى. وليس"؛ كذلك حروف المضارعة، بل جميعها على حرف حرف.

وشيء آخر، وهو أنا نجد بعض حروف العطف يدخل على بعض، وذلك نحو: "ما قام زيد ولكن عمرو"، و"قام إما زيد وإما عمرو، ولأضربنه حتى يتقيني بحقي، وحتى لا يبقى لي عنده شيء منه".

ونسخت من خط أبي بكر محمد بن السري، وقرأته على أبي علي، قال: قال أبو العباس: إذا اضطر الشاعر أدخل الواو من حرف العطف على سائر حروف العطف.

<<  <  ج: ص:  >  >>