للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضربت زيد رجل فقد أفدت أنه ليس بزيد امرأة؛ فهذه فائدة هذه الإضافة إن قلت ونزرت كما أن قولك لقيت غلام امرأة قد أفدنا منه أنه لامرأة دون رجل.

فإن قلت: فإذا كان الزيدان والعمران إنما تعريفهما عندك كتعريف الرجلين والغلامين بما أوردته من الأدلة في ذلك؛ فهلا جاء عنهم وكثر في كلامهم: مررت بالزيد، وضربت البكر، كما كثر عنهم مررت بالغلام، وضربت الرجل؟

فالجواب: أن زيدًا وعمرًا ونحوهما من الأعلام إذا انتزع ما فيهما في بعض الأحوال من التعريف، فحصلا نكرتين، ثم أريد بعد ذلك تعريفهما؛ فأخلق أحوالهما بهما أن يردا إلى ما كانا عليه من العملية الأصلية؛ فيقال: جاءني زيد، ومررت بعمرو، وليس بالحسن إدخال اللام عليهما؛ لئلا يصيرا في قولك مررت بالعمرو، وجاءني الزيد بصورة ما عرف باللام من الأجناس البتة، ولم يكن له أصل في العلمية؛ فيرد عند تعريفه إليها، وذلك نحو الغلام والجارية والثوب والدار؛ فلهذا استنكروا في كلامهم أن يقولوا الزيد والبكر، فاعرفه.

على أن أبا العباس قال: إذ قيل: جاءني زيد وزيد وزيد تريد جماعة اسم كل واحد منهم زيد، فيقول المجيب: فما بين الزيد الأول والزيد الآخر؟ وهذا الزيد أشرف من ذلك الزيد؛ إلا أنه قليل.

فإن قلت: فقد أضافوا هذه الأسماء بعد تنكيرهم إياها كما تضاف الأجناس، فقالوا١:

ياعمر الخير جزيت الجنة٢

وقالوا: فلان من ربيعة الفرس، وفلان من تميم جوثة، وقال الآخر:

يزيد سليم سالم المال والفتى ... فتى الأزد للأموال غير مسالم٣


١ قيل هو لرجل أعرابي يوجه الخطاب إلى أمير المؤمنين عمرو بن الخطاب.
٢ البيت ذكره صاحب اللسان في مادة "أوس" ولم ينسبه "٦/ ١٨"، ولكن بلفظ "رزقت" بدل "جزيت"، وذكره صاحب الخصائص "٢/ ٣٢" ولم ينسبه أيضًا.
الشاهد فيه قوله "يا عمر الخير" حيث عومل العلم معاملة الأجناس.
٣ نسبه صاحب الخزانة "٣/ ٥٠" البيت لربيعة الرقي، والشاهد في قوله "يزيد سليم".

<<  <  ج: ص:  >  >>