للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قولهم: لا رجلين عندي، ولا امرأتين فيها، فإن أبا علي ذهب إلى أن النون إنما ثبتت ههنا وإن كان الاسم مبنيًّا عنده، وهو مذهب سيبويه١، من قبل أن النون زيادة لحقت حرف الإعراب كما تلحق الألف الواحد في الشعر نحو: لا رجلا، وكما لحقت النون في نحو: ضربت اللذين في الدار، وإن لم يكن الواحد معربا ولا منونا، وهذا يدفع ما ذهب إليه أبو العباس٢ وغيره من أن المبني مع لا إذا ثُنِّي أخرجته التثنية من البناء، فاعرفه.

وأما ما ذهب إليه البغداديون٣ من أنه يجوز حذف نون التثنية، وإنشادهم في ذلك:

قد سالَمَ الحياتِ منه القَدَما ... الأفعوانَ والشجاعَ الشجْعَما٤

قالوا: أراد: القدمانِ، فحذف النون، ونصبوا الحيات، وجعلوا الأفعوان وما بعده بدلا منها.

فهذه رواية لا يعرفها أصحابنا، والصحيح عندنا هو ما رواه سيبويه:

قد سالم الحياتُ منه القدَما ... ..............

برفع الحيات ونصب القدم، نصب الأفعوان وما بعده بفعل مضمر دل عليه سالَمَ؛ لأنه قد علم أنها مُسالَمة كما أنها مُسالِمة، فكأنه قال في ما بعد: وسالمت القدمُ الأفعوانَ والشجاعَ الشجعما، كما قال أوس بن حجر، وهو من أبيات الكتاب أيضا٥:


١ الكتاب "١/ ٣٤٨-٣٤٩" وقد علل إثبات النون قائلا: "وأثبتوا النون لأن النون لا تحذف من الاسم الذي يجعل وما قبله أو ما بعده بمنزلة اسم واحد، ألا تراهم قالوا: الذين في الدار، فجعلوا الذين وما بعده من الكلام بمنزلة اسمين جعلا اسما واحدا ولم يحذفوا النون لأنها لا تجيء على حد التنوين، ألا تراها لا تدخل في الألف واللام وما لا ينصرف".
٢ يعنى المبرد: المقتضب "٤/ ٣٦٦".
٣ هو مذهب البغداديين وفيه يجوزون حذف نون التثنية.
٤ سبق تخريجه.
٥ هو من أبيات قصيدة لأوس بن حجر، والبيت في ديوانه "ص٧٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>