للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن فعل ذلك لزمه إثبات الألف في "ابن" خطًا. إلى هذا رأيت جميع أصحابنا يذهبون١، والذي أرى أنا أنه لم يرد في هذين البيتين وما جرى مجراهما أن يجري ابنًا وصفًا على ما قبله، ولو أراد ذلك لحذف التنوين، فقال: من قيسِ بنِ ثعلبة، وزيدَ بن مهلهل، ولكن الشاعر أراد أن يجري ابنا على ما قبله بدلا منه، وإذا كان بدلا منه لم يجعل معه كالشيء الواحد، وإذا لم يجعل معه كالشيء الواحد وجب أن ينوى انفصال ابن مما قبله، وإذا قدر ذلك فيه فقد قام بنفسه، ووجب أن يبتدأ به، فاحتاج إذن إلى الألف لئلا يلزم الابتداء بالساكن.

وعلى ذلك تقول: كلمت زيدًا ابن بكر، كأنك تقول: كلمت ابنَ بكر، وكأنك قلت: كلمت زيدًا كلمت ابن بكر، لأن ذلك شرط البدل، إذ البدل في التقدير من جملة ثانية غير الجملة التي المبدل منه منها، فمتى تجاوز التنوين أن يكون في غير تلك المسائل التسع التي قدمنا ذكرها ثبت، وألحقت الألف في أول ابن، وذلك قولك: ضربت زيدًا ابنَ الرجل، لأن الرجل ليس علمًا ولا كنية ولا لقبًا. وكذلك: لقيت الغلامَ ابنَ زيد، تثبت الألف في ابن، لأن الغلام ليس علمًا ولا كنية ولا لقبًا. وكذلك: جاءني محمدٌ ابنُ أخينا، ولقيت جعفرًا ابنَ ذي المال.

وكذلك إن ثنيت أثبت الألف على كل حال لأن ذلك لم يكثر استعماله، وهو قولك: ضربت الزيدين ابني عمرو، وهذا أجدر أن تثبت فيه الألف، لأن الزيدين الآن ليسا علمين، وإنما تعرفا باللام كما تقدم. ومنه: أظن البكرين ابني سعيد، وأحسب القاسمين ابني علي، فاعرفه.

وكذلك إن جعلت ابنًا خبرًا عما قبله أثبت التنوين في الأول والألف في ابن، وذلك قولك زيدٌ ابنُ عمرو، وإن بكرًا ابنُ جعفر، وكأن محمدًا ابنُ قاسم، وطننت سعيدًا ابنَ علي، وأظنُ قاسمًا ابنَ ذي المال، وليس عليٌّ ابنَ أختنا، فأما قوله عزَّ اسمُه: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ} [التوبة: ٣٠] ٢ فالقراءة فيه على ضربين:


١ انظر/ الكتاب "٢/ ١٤٨".
٢ قرأ عاصم والكسائي "غزيرٌ ابن" منونًا، وروى عبد الوارث عن أبي عمرو "عزير" منونًا، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عمرو وابن عامر وحمزة "عزيرُ ابنُ الله" غير منون. انظر/ السبعة "ص٣١٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>