للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرة هاء، فقالوا: "هناه" كما أبدل الجميع من ألف "عطاا" الثانية همزة لئلا يجتمع ساكنان، لكان قولا قويًّا، ولكان أيضًا أشبه من أن يكون قلبت الواو في أول أحوالها هاء من وجهين:

أحدهما: أن من شريطة قلب الواو ألفا أن تقع طرفًا بعد ألف زائدة، وقد وقعت هنا كذلك.

والآخر: أن الهاء إلى الألف أقرب منها إلى الواو، بل هما في الطرفين، ألا ترى أن أبا الحسن ذهب إلى أن الهاء مع الألف من موضع واحد لقرب ما بينهما، فقلبُ الألف إذن هاء أقرب من قلب الواو هاء.

وكتب إليَّ أبو علي من حلب في جواب شيء سألته عنه، فقال: وقد ذهب أحد علمائنا إلى أن الهاء من "هناه" إنما لحقت في الوقف لخفاء الألف، كما تلحق بعد ألف الندبة في نحو "وازيداه" و"وابكراه" ثم إنها شبِّهت بالهاء الأصلية، فحركت، فقالوا: "يا هناهُ". ولم يسمِّ أبو علي هذا العالم من هو، فلما انحدرت إليه إلى مدينة السلام، وقرأت عليه نوادر أبي زيد، نظرت فإذا أبو زيد هو صاحب هذا القول. وهذا من أبي زيد غير مرضٍ عند الجماعة، وذلك أن الهاء التي تلحق لبيان الحركات وحروف اللين إنما تلحق في الوقف، فإذا صرت إلى الوصل حذفتها البته١، فلم توجد فيه ساكنة ولا متحركة، وقد استقصيت هذا الفصل في كتابي في شرح شعر المتنبي عند قوله:

واحر قلباه ممن قلبه شبم ... ..............................٢

ودللت هناك على ضعف قول أبي زيد وبيت المتنبي جميعًا في هذا.


١ يقال: لا أفعله بتة، ولا أفعله ألبتة، أي قطعًا لا رجعة فيه.
٢ البيت من ديوان المتنبي "٣/ ٣٦٢" ولم يذكره صاحب اللسان، هو مطلع قصيدة يمدح فيه سيف الدولة الحمداني وكان أبو فراس الحمداني حاضرًا أثناء إلقاء المتنبي لقصيدته التي يمدح فيها ابن عمه وقاطعه أكثر من مرة فذمه المتنبي بقوله:
أعيذها نظرات منك شاخصة ... أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
وقال لسيف الدولة في قصيدته أيضًا:
يا أعدل الناس إلا في معاملتي ... فيك الخصام وأنت الخصم والحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>