للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنما حكاها صاحب العين، وفي كتاب العين من الخَطَل والاضطراب ما لا يدفعه نظّارٌ جَلْدٌ، وإنما يخلد إليه من ضاق عَطَنُه، واستروحَ مِن كُلْفَةِ الحفظ إلى دَعة النسيان والترك. وذاكرت بكتاب العين يوما شيخنا أبا علي فأعرض عنه، ولم يرضه لما فيه من القول المرذول والتصريف الفاسد، فقلت له كالمحتج عليه: فإن في تصنيفه راحة لطالب الحرف. فقال: أرأيت لو أن رجلا صنف لغة بالتركية تصنيفًا حسنًا، هل كنا نقبلها منه ونستعملها؟ أو كلامًا هذا نحوه قد بعد عهدي به.

ورأيت أبا محمد بن درستويه قد أنحى على أحمد بن يحيى في هذا الموضع من كتابه الموسوم بشرح الفصيح١، وظلمه، وغصبه حقه، والأمر عندي بخلاف ما ذهب إليه ابن درستويه في كثير مما ألزمه إياه، وما كنت أراه بهذه المنزلة، ولقد كنت أعتقد فيه الترفع عنها وإن كان من أصحابي وقائلا بقول مشيخة البصريين في غالب أمره، وكان أحمد بن يحيى كوفيًّا قلبًا، فالحق أحق أن يتبع أين حل وحيث صَقَعَ. ولو أن إنسانًا تتبع كتاب العين، فأصلح ما فيه من الزيغ والاضطراب لم أُعَنِّفْهُ في ذلك، ولرأيته مصيبًا فيه مأجورًا على عمله، وإن وجدت فسحة أصلحت ذلك وما في كتاب الجمهرة مما سها فيه مُصَنِّفُهُ رحمه الله.

وذهب أبو الحسن إلى أن الهاء في "هِجْرَعٍ" و"هِبْلَعٍ" زائدتان، لأنهما عنده من "الجَرَع" و"البَلْع" وذلك أن "الهِجْرَع" هو الطويل، و"الجَرَع": المكان السهد المنقاد، و"الهِلْبَع": الأكول، فهذا من البَلْع، فمثالهما على هذا "هِفْعَل".

وذهب الخليل فيما حكى عنه أبو الحسن إلى أن "هِرْكَوْلة": "هِفْعَوْلَة" وأن الهاء زائدة، قال: لأنها التي تركل في مشيتها.

وسمعت بعض بني عقيل يقول في "هِرْكَوْلة ": "هِرَّكْلة"، قال:

هِرَّكْلةٌ فُنُقٌ نِيافٌ طَلّةٌ ... لم تَعْدُ عن عَشْرٍ وحَوْلٍ خَرْعَبُ٢


١ هو المطبوع باسم تصحيح الفصيح. انظر "١/ ١٠٣-١٠٤".
٢ البيت في اللسان "هركل" "١٤/ ٢١٩".
فنق: جسيمة حسنة فتية منعمة.
نياف: تامة الطول والحسن. القاموس "٣/ ٢٠٣".
الخرعب: الحسنة الخلق، وقيل البيضاء، ولم أقف على "طلة" في أوصاف النساء، وفي اللسان: يقولون، خمرة طلة، ورائحة طلة: أي لذيذة، وحديث طل: حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>