للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما قولهم "ثَوْر" و"ثِيرَة" فشاذ، وكأنهم١ فرقوا بالقلب بين جمع "ثور" من الحيوان وجمع "ثور" من الأقط٢، لأنهم يقولون في "ثور" الأقط: "ثورة" على القياس فأما "حِيَلٌ" و"قِيَمٌ" فإن الواو فيهما لما انقلبت في الواحدة ضرورة لانكسار ما قبلها قلبت أيضًا في الجمع، فقيل "قِيَمٌ" و"حِيَلٌ". وأما "حِيَاض" و"رِيَاض"٣ و"ثِيَاب" ونحو ذلك فإنما قلبت واوه ياء لسكونها في الواحد، ومجيئها في الجمع بعد كسرة، وقبل ألف، ولام الفعل فيها صحيح، لا بد في هذا الموضع من ذكر هذه الأربعة الأشياء وإلا فسدت العلة ونقصت.

فإن قلت: فأنت تعلم أن أصل "غازية"٤ و"مَحْنِية"٥: "غازِوة" و"مَحْنِوة" لأنهما من "غزوتُ" و"حنوتُ" وقد قلبت الواو فيهما للكسرة قبلها، وهما مع ذلك متحركتان. وكذلك "داعية" و"قاصية" و"عافية" و"راجية" لأن الأصل "داعوة" و"قاصوة" و"عافوة" و"راجوة" لأنها من "دعوت" و"قصوت" و"عفوت" و"رجوت".

فالجواب: أنه إنما أعل ذلك وإن كان متحركًا من قبل أنه لام الفعل، فضعف، وأما الفاء والعين فقويتان، فسلمتا لقوتهما، وإذا كان القلب في العين قد جاء في نحو "ثِيرة" و"سِياط" فهو في اللام أجوز وأسوغ. فأما قولهم "الفُتُوّة" و"النُّدُوّة" و"الفُتُوّ"، قال٦:

في فُتُوٍّ أنا رابئُهُم ... من كلالِ غَزْوَةٍ ماتُوا


١ هذا قول المبرد كما في المنصف "١/ ٣٤٦-٣٤٧".
٢ الأقط: شيء يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك، والقطعة منه أقطة. اللسان "٧/ ٢٥٧".
٣ رياض: جمع روضة وهي الأرض ذات الخضرة. اللسان "٧/ ١٧٢".
٤ غازية: اسم فاعل من غزا يغزو أي سار إلى قتال العدو. اللسان "١٥/ ١٢٣".
٥ المحنية: واحدة المحاني وهي معاطف الأودية. لسان العرب "١٤/ ٢٠٤".
٦ البيت لجذيمة الأبرش كما في طبقات فحول الشعراء "ص٣٨".
٧ الرابئ: الذي يعلو جبلا يرقب للقوم لئلا يدهمهم عدو. لسان العرب "١/ ٨٢".
والمراد بماتوا هنا: سكنوا وسكنت أعضاؤهم من الإعياء.
الكلال: التعب.
ويروى: "في شباب أنا رابئهم" والشاهد بينه المؤلف في المتن.
الإعراب: فتو: اسم مجرور بـ "في" وعلامة الجر الكسرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>