للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما قال سلامة بن جَنْدَل١:

يومان: يومُ مقاماتٍ وأنديةٍ ... ويومُ سيرٍ إلى الأعداءِ تأويب٢

وكل هذه الأقوال ليست "أندية" فيها لفظ جمع اسم ثلاثي، إنما هو جمع ما كان على "فِعال" أو "فَعِيل" أو نحوهما. والذي ذهبنا نحن إليه من كون "أندية" "أفعُل" بضم العين أمْثَلُ؛ لأن "أفعُلَة" إنما هي تأنيث "أفعُلٍ" و"أفعُلُ" جمع كثير من الثلاثي، وإن كان في "فَعْلٍ" أكثر. وإذا ثبت بما قدمناه أن "أفعُلا" من أمثلة الجموع يجوز في الاستعمال والقياس تأنيثه لم ينكر أن يعتقد أن "أبْكُرًا" قد كان ينبغي أن يكون فيها هاء تأنيث الجماعة، فصار إذن جمعهم إياها بالواو والنون في قوله "وأْبَيْكِرِينا" إنما هو عوض من الهاء المقدرة في "أَبْكُر" فجرى ذلك مجرى "أرض" في جمعهم إياها بالواو والنون في قولهم "أرْضُون".

فأما "دْهَيْدِهِينا" فإن واحده "دَهْدَاهٌ" وهو القطعة من حاشية الإبل، فهو نظير "الصِّرْمَة"٣ و"الهَجْمَة"٤ و"العَكَرة"٥ فكأن الهاء فيها لتأنيث الفِرقة والقِطعة، كما أن الهاء في "عُصْبة" و"طائفة" لتأنيث الجماعة، فكأنه كان في التقدير "دَهْداهة" فلما حذفت الهاء وصار "دَهْداهًا" جمع تصغيره بالواو والنون تعويضًا من الهاء المقدرة المرادة في "دهداهة" فقصته أيضًا قصة "أرض" فلذلك قيل "دُهَيْدِهِينا".


١ ابن جندل، والبيت في ديوانه "ص٩٤".
٢ المقامات: جمع مقامة والمقامة: المجلس. لسان العرب "١٢/ ٤٩٨" مادة/ قوم.
الأندية: المجالس جمع ندى، ولا يسمى ناديًا حتى يكون فيه أهله. اللسان "١٥/ ٣١٧".
التأويب: أن يسير النهار أجمع وينزل الليل، أو تباري الركاب في السير. اللسان "١/ ٢٢٠".
يماثل هذا البيت كلمة امرئ القيس: اليوم خمر وغدًا أمر.
فالشاعر قد جعل حياة قومه ما بين الفخر والشعر في المنتديات والسير إلى الأعداء.
والشاهد شرحه المؤلف في المتن، وهو في كلمة "أندية".
إعراب الشاهد: أندية: معطوف على مقامات مجرور.
٣ الصرمة من الإبل: هي القطيع من الإبل والغنم. لسان العرب "١٢/ ٣٣٨".
٤ الهجمة: القطعة الضخمة من الإبل وهي ما بين الثلاثين والمائة. اللسان ١٢/ ٦٠٢".
٥ العكرة من الإبل: القطعة من الإبل، وقيل العكرة الستون منها. اللسان "٤/ ٦٠٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>