للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: فالنون في "عن" و"أن" كل واحدة منهما حرف ساكن من جملة كلمة هي حرف، كما أن نون "إذن" ساكنة من حرف، كما أن نون "إذن" ساكنة من جملة حرف، فهل يجوز أن تبدل منها في الوقف ألفا، فتقول: "عا" و"أا" كما قلت: إذا؟ وأن كان ذلك غير جائز، فهلا لم يجز أيضا إبدال النون من "إذن" ألفا في الوقف؟

فالجواب: أنهما حرفان لا يتوقف عليهما، أما "عن" فحرف جر، وحروف الجر لايمكن تعلقيها عن المجرور ولا الوقوف عليها دونه إلا عند انقطاع نفس، وذلك قليل مغتفر. وأما "أن" فلا تخلو من أن تكون الناصبة للفعل، وهذه لا يوقف عليها لأنها من عوامل الأفعال، وعوامل الأفعال أضعف من عوامل الأسماء، أولا ترى أنه لا يمكنك الفصل بينها وبين ما تنصبه من الأفعال إلا ب "لا" في نحو قولك: أحب أن لا تقوم، وأسألك أن لا تفعل، فجرى هذا الفصل بينهما في ترك الاعتداد به وقلة المراعاة له مجرى الفصل ب "لا" بين الجار والمجرور في نحو قولك: جئت بلا مال، وضربته بلا ذنب، ومجرى الفصل بين الجازم والمجزوم المشبهين للجار والمجرور في نحو قولك: إن لا تقم لا أقم، فلما ضعفت "أن" الناصبة للفعل عن فصلها واقتطاعها عما بعدها لم يحسن الوقوف صله لها، والوقوف على الموصول دون صلته قبيح مع الأسماء القوية، فكيف به مع الحروف الضعيفة.

أو أن تكون "أن" المخففة من الثقيلة الناصبة للاسم نحو قوله عز اسمه {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} [المزمل: ٢٠] ١.

ونحو قول الشاعر٢:

زعم الرزدق أن سيقتل مربعا ... ...............................٣


١ الشاهد "أن سيكون" حيث لا يجوز إبدال نون "أن" ألفا لأنها حرف لا يجوز الوقوف عليها، ولا يمكن فصلها عما بعدها.
٢ البيت لجرير وهو في ديوانه "ص٩١٦" وشطر البيت الثاني:
أبشر بطول سلامة يا مربع
٣ الشاهد فيه "أن سيقتل" حيث لا يجوز إبدال نون "أن" ألفا لأنها حرف، ولا يجوز الوقوف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>