للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ١ وقال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ٢.

وما ذكره النبهاني إنما يصلح في الرد على من يدّعي أن الناس كلهم موحدون، وليس فيهم من يلتجىء إلى غير الله أو يستغيث بمن سواه، وحينئذ فكلامه الذي أورده يصلح جواباً عن تلك الدعوى، ثم إن المانعين من الاستغاثة بغير الله ونحوها لهم تفصيل يجب معرفته والوقوف عليه، ليكون الواقف على بصيرة من أمره، حتى لا يخبط في كلامه خبط عشواء كما خبط النبهاني.

وقد ورد لشيخ الإسلام تقي الدين سؤال في هذا الباب، فأجاب بأحسن جواب، وهذا نص السؤال وجوابه٣:

"سئل شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رضي الله عنه: ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وفقهم الله لطاعته فيمن يقول لا يستغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم هل يحرم عليه هذا القول؟ وهل هو كفر أم لا؟ وإن استدل بآيات من كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ينفعه دليله أم لا؟ وإذا قام الدليل من الكتاب والسنة فما يجب على من يخالف ذلك؟ أفتونا مأجورين.

الجواب: الحمد لله، قد ثبت بالسنة المستفيضة بل المتواترة واتفاق الأمة أن نبينا صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع، وأنه يشفع في الخلائق يوم القيامة، وأن الناس يستشفعون به ويطلبون منه أن يشفع لهم إلى ربهم، وأنه يشفع لهم.

ثم اتفق أهل السنة والجماعة أنه يشفع في أهل الكبائر وأنه لا يخلد في النار من أهل التوحيد أحد.

وأما الخوارج والمعتزلة فأنكروا شفاعته لأهل الكبائر، ولم ينكروا شفاعته للمؤمنين وهؤلاء مبتدعة ضلال، وفي تكفيرهم نزاع وتفصيل، وأما من أنكر ما


١ سورة الأنعام: ١١٦.
٢ سورة يوسف: ١٠٦.
٣ "مجموعة الفتاوى" (١/ ٨٣- وما بعدها) الطبعة الجديدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>