للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليحلف بالله أو ليصمت"١. وفي لفظ: "من حلف بغير الله فقد أشرك" ٢، رواه الترمذي وصححه.

ثم قد ثبت في الصحيح الحلف بعزة الله٣، ولعمر الله٤، ونحو ذلك مما اتفق المسلمون على أنه ليس من الحلف بغير الله الذي نهي عنه، والاستغاثة بمعنى أن يطلب من الرسول ما هو اللائق بمنصبه لا ينازع فيها مسلم.

ومن نازع في هذا المعنى فهو إما كافر إن أنكر ما يكفر به، وإما مخطىء ضال. وأما بالمعنى الذي نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أيضاً مما يجب نفيه، ومن أثبت لغير الله ما لا يكون إلا لله فهو أيضاً كافر، إذا قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها، ومن هذا الباب قول أبي يزيد البسطامي: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق، وقول الشيخ أبي عبد الله القرشي المشهور بالديار المصرية: استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون.

وفي دعاء موسى عليه السلام: "اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك".

ولما كان هذا المعنى هو المفهوم منها عند الإطلاق وكان مختصاً بالله صح إطلاق نفيه عما سواه، ولهذا لا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين أنه جوز مطلق الاستغاثة بغير الله، ولا أنكر على من نفى مطلق الاستغاثة عن غير الله.

وكذلك الاستعانة أيضاً فيها ما لا يصلح إلا لله، وهي المشار إليها بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فإنه لا يعين على العبادة الإعانة المطلقة إلا الله، وقد يستعان بالمخلوق فيما يقدر عليه، وكذلك الاستنصار، قال الله تعالى:


١ أخرجه البخاري (٦٦٤٦) ومسلم (١٦٤٦) من حديث عبد الله بن عمر.
٢ أخرجه الترمذي (١٥٣٥) وأبو داود (٣٢٥١) .
٣ "صحيح البخاري" (١١/٥٤٥- فتح) تعليقاً. وانظر رقم (٧٣٨٤) .
٤ "صحيح البخاري" (٦٦٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>