للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عبد الله الحليمي: الغيّاث هو المغيث، وأكثر ما يقال غيّاث المستغيثين ومعناه: المدرك عباده في الشدائد إذا دعوه ومجيبهم ومخلصهم.

وفي خبر الاستسقاء في الصحيحين: "اللهم أغثنا اللهم أغثنا". يقال: أغائه إغاثة وغياثاً وغوثاً، وهذا الاسم في معنى المجيب والمستجيب، قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} ١ إلا أن الإغاثة أحق بالأفعال، والاستجابة أحق بالأقوال، وقد يقع كل منهما موقع الآخر.

قالوا: الفرق بين المستغيث والدّاعي؛ أن المستغيث ينادي بالغوث، والداعي ينادي بالمدعو والمغيث، وهذا فيه نظر، فإن من صيغة الاستغاثة بالله للمسلمين، وقد روى عن معروف الكرخي أنه كان يكثر أن يقول: واغوثاه، ويقول: إني سمعت الله يقول: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} . وفي الدعاء المأثور: "يا حي يا قيوم، لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك"٢. والاستغاثة برحمته استغاثة به في الحقيقة، كما أن الاستعاذة بصفاته استعاذة به في الحقيقة، وكما أن القسم بصفاته قسم به في الحقيقة ففي الحديث: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"٣. وفيه: "أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك"٤. ولهذا استدل الأئمة فيما استدلوا على أن كلام الله غير مخلوق بقوله: (أعوذ بكلمات الله التّامات) قالوا: والاستعاذة لا تصلح بالمخلوق.

وكذلك القسم قد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان حالفاً


١ سورة الأنفال: ٩.
٢ أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (٥٧٠) وابن السني (٤٨) والحاكم (١/٥٤٥) وغيرهم، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (رقم: ٦٥٤) .
٣ أخرجه مسلم (٢٧٠٨) .
٤ أخرجه مسلم (٤٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>