للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} ١.

فالمعاني الثابتة بالكتاب والسنة يجب إثباتها، والمعاني المنفية بالكتاب والسنة يجب نفيها، والعبارة الدالة على المعاني نفياً وإثباتاً إن وجدت في كلام الله ورسوله وجب إقرارها، وإن وجدت في كلام أحد وظهر مراده من ذلك رتب عليه حكمه وإلا رجع فيه إليه، وقد يكون في كلام الله ورسوله عبارة لها معنى صحيح، لكن بعض الناس يفهم من تلك غير مراد الله ورسوله، فهذا يرد عليه فهمه، كما روى الطبراني في "معجمه الكبير" أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال أبو بكر الصديق: قوموا بنا لنستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله"٢. فهذا إنما أراد به النبي صلى الله عليه وسلم المعنى الثاني، وهو أن يطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله، وإلا فالصحابة كانوا يطلبون منه الدعاء ويستسقون به، كما في "صحيح البخاري"٣ عن ابن عمر، قال: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب:

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

وهو قول أبي طالب.

ولهذا قال العلماء المصنفون في أسماء الله تعالى يجب على كل مكلف أن يعلم أن لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلا الله، وأن كل غوث فمن عنده، وإن كان جعل على يدي غيره فالحقيقة له سبحانه وتعالى، ولغيره مجاز، قالوا: من أسمائه تعالى المغيث والغياث، وجاء ذكر المغيث في حديث أبي هريرة، قالوا: واجتمعت الأمة على ذلك.


١ سورة التوبة: ٤٠.
٢ أخرجه الطبراني في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد" (١٠/ ١٥٩) . وقال الهيثمي: "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح؛ غير ابن لهيعة، وهو حسن الحديث".
٣ تقدم في الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>