للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} ١ وقوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} ٢ وفي الإضافة كقوله: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ} ٣ {جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ} ٤. وأما اسم الصمد فقد استعمله أهل اللغة في حق المخلوقين كما تقدم، فلم يقل الله صمد بل قال: الله الصمد، فبين أنه المستحق لأن يكون هو الصمد دون ما سواه، فإنه المستوجب لغايته على الكمال. والمخلوق هان كان صمدا من بعض الوجوه فإن حقيقة الصمدية منتفية عنه، فإنه يقبل التفرق والتجزية، وهو أيضاً محتاج إلى غيره، فإن كل ما سوها الله محتاج إليه من كل وجه، فليس أحد يصمد إليه كل شيء ولا يصمد هو إلى شيء إلا الله، وليمس في المخلوقات إلا ما يقبل أن يتجزأ ويتفرق وينقسم وينفصل بعضه من بعض، والله سبحانه هو الصمد الذي لا يجوز عليه شيء من ذلك، بل حقيقة الصمدية وكمالها له وحده واجبة لازمة لا يمكن عدم صمديته بوجه من الوجوه، كما لا يمكن تثنية أحديته بوجه من الوجوه، فهو أحد لا يماثله شيء من الأشياء، كما قال في آخر السورة: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} استعملها هنا في النفي، أي ليس شيء من الأشياء كفوا له في شيء من الأشياء، لأنه أحد، وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: (أنت سيدنا، فقال: السيد الله) . ودل قوله الأحد الصمد على أنه لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فإن الصمد هو الذي لا جوف له ولا أحشاء، فلا يدخل فيه شيء، فلا يأكل ولا يشرب سبحانه وتعالى، كما قال: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} ٥. وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} ٦.


١ سورة الأحزاب: ٣٢.
٢ سورة التوبة: ٦.
٣ سورة الكهف: ١٩.
٤ سورة الكهف: ٣٢.
٥ سورة الأنعام: ١٤.
٦ سورة الذاريات: ٥٦- ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>