للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ١ اهـ.

وقال الإمام زين العابدين السجاد: كيف يسأل محتاج محتاجاً؟!

وقال الإمام الغزالي: المؤمن لا يجعل بينه وبين الله تعالى وسائط في الطلب، قال تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} ٢.

وفي تفسير "روح المعاني" عند الكلام على قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} ٣ ما نصه: "ما أعظمها آية في النعي على من يستغيث بغير الله تعالى من الجمادات والأموات، ويطلب منه ما لا يستطيع خلقه لنفسه أو دفعه عنها".

وقال بعض أكابر السادة الصوفية: إن الاستغاثة بالأولياء محظورة إلا من عارف يميز بين الحدوث والقدم، يستغيث بالولي لا من حيث نفسه بل من حيث ظهور الحق فيه، فإن ذلك غير محظور، لأنه استغاثة بالحق حينئذ.

وأنا أقول: إذا كان الأمر كذلك فما الداعي للعدول عن الاستغاثة بالحق من أول الأمر؟ وأيضاً إذا ساغت الاستغاثة بالولي من هذه الحيثية فلتسغ الصلاة والصوم وسائر أنواع العبادة له من تلك الحيثية أيضاً، ولعل القائل بذلك قائل بهذا، بل قد رأيت لبعضهم ما يكون هذا القول بالنسبة إليه تسبيحاً، ولا يكاد يجري قلمي أو يفتح فمي بذكره، فالطريق المأمون عند كل رشيد، قصر الاستغاثة والاستعانة على الله عز وجل، فهو سبحانه الحي القادر العالم بمصالح عباده، فإياك والانتظام في سلك الذين يرجون النفع من غيره تعالى.

وفي هذا التفسير أيضاً: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً} ٤.

إشارة إلى ذم الغالين في أولياء الله تعالى حيث يستغيثون بهم في الشدة غافلين عن


١ سورة الإسراء: ١١٠.
٢ سورة ق: ١٦.
٣ سورة النحل: ٢٠- ٢١.
٤ سورة الحج: ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>