للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فلا تعبد غيره، ولا تستعن إلا به، ولا تطلب إلا منه، فهذا هو التوحيد". اهـ.

ومن كلام الشيخ محي الدين بن عربي شيخ الصوفية عند الكلام على قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} ١ قال: ومن أعظم المواثيق أن لا يسأل العبد سوى مولاه جل شأنه، وفي قصة أبي حمزة الخراساني ما يشهد بعظم شأنه، فقد عاهد ربه أن لا يسأل أحداً سواه، فاتفق أن وقع في بئر فلم يسأل أحداً من الناس المارين عليه إخراجه منها حتى جاء من أخرجه بغير سؤال، ولم ير من أخرجه، فهتف به هاتف كيف رأيت ثمرة التوكل؟! فينبغي الإقتداء به في الوفاء بالعهد على ما قال أيضاً، وقد أنكر ابن الجوزي فعل هذا الرجل وبين خطأه وأن التوكل لا ينافي الاستغاثة في تلك الحال، وذكر أن سفيان الثوري وغيره قالوا لو أن إنساناً جاع فلم يسأل حتى مات دخل النار، ولا ينكر أن يكون الله تعالى قد لطف بأبي حمزة الجاهل، نعم لا ينبغي الاستغاثة بغير الله تعالى على النحو الذي يفعله الناس اليوم مع أهل القبور الذين يتخيلون فيهم ما يتخيلون، فآه ثم آه مما يفعلون.

وقال الشيخ محي الدين أيضاً في (الفتوحات المكية) : أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: يا موسى لا تجعل غيري موضع حاجتك وسلني حتى الملح تلقيه في عجينتك، هذا تعلي ممن الله تعالى لنبيه عليه السلام.

وقد رأيته سبحانه في النوم!! فقال: وكلني في أمورك فوكلته فما رإيت إلا عصمة محضة ولله الحمد على ذلك، ويكفي في التعليم قوله سبحانه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أي لا نعبد سواك ولا نستعين بمخلوق، وحديث ابن عباس: "وإذا استعنت فاستعن بالله"، وقوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} ٢ وقوله


١ سورة الرعد: ٢٠.
٢ سورة الزمر: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>