وعندهم الوجود واحد، ولذلك قال من قال سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها، فإذا كان الله عين كل شيء فله أن يعبد كل شيء إذ هي عين الحق، وفي كتاب فصوص الحكم ما تقشعر منه جلود المؤمنين.
قال شرف الدين إسماعيل المعروف بابن المرقىء من قصيدة:
فقال بأن الرب والعبد واحد ... فربي مربوب بغير تغاير
وأنكر تكليفاً إذ العبد عنده ... إله وعبد فهو إنكار حاير
وخطأ إلا من يرى الخلق صورة ... وهوية لله عند التناظر
وقال يحل الحق في كل صورة ... تجلى عليها وهو إحدى المظاهر
وأنكر أن الله يغني عن الورى ... ويغنون عنه لاستواء المقادر
إلى آخر ما قال. والقصيدة طويلة في ديوانه، وهو الذي قال ما قال الشيخ محيي الدين الذي يقول:
وكل كلام في الوجود كلامه ... سواء علينا نثره ونظامه
والمقصود؛ أن من يذهب مذهب الغلاة في أهل القبور فريقان:
(الفريق الأول) من يقول بالاتحاد والحلول، إذ لا فرق حينئذ بين الخالق والمخلوق، ولا بين التراب ورب الأرباب، ومنهم النبهاني الزائغ على ما أشعر كلامه واعتقاده في النبي صلى الله عليه وسلم مع ما هو عليه من المسلك، وقد ذكرنا ذلك أول الكتاب، ومثله كثير ممن أورد شعره.
(الفريق الثاني) الجهال بحقائق الدين ودقائقه، وهم أكثر من نقل النبهاني شعره، فهم لا يعلمون ما في كلامهم من المحاذير، ولو نبهوا عليها لانتبهوا، وهم في شعرهم وما قالوه في النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وقد رأينا من يعمل في قبور الأصفياء ما يعمل من المنكرات والأعمال التي لم تشرع