وإلقاء التهمة بين يديه، وكل أحد يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الذين ذكر من أقوالهم ما ذكر إن لم يكن لها وجه، فهي لا تزري بعلو شأنهم، ومزيد عرفانهم، فهم لم يكونوا معصومين، ولا أنبياء ولا مرسلين، وقد قيل إن الصارم قد ينبو، والجواد قد يكبو، والسعيد من عدت سقطاته، وقلت غلطاته، وما أحسن ما قيل:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلا أن تعد معائبه
هذا إذا لم يكن لما قالوه وجه وجيه، فكيف وغالب أقوالهم قد صححها بعض أهل العلم.
والنبهاني قد افترى على شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية في قوله: إن ابن تيمية اعترض على تلك الأقوال التي ذكرها، فعلى أي قول منها اعترض؟ وفي أي كتاب ذكر ذلك؟
والبهتان قد صار ديدناً وديناً للنبهاني، كما قد قررنا ذلك مراراً، وابن تيمية لم يزل يذب عن العلماء الربانيين، والعلماء العاملين، وألف كتاباً سماه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) وآخر في الذب عن الأئمة الأربعة، وآخر في الانتصار للإمام أحمد، وآخر وآخر، مما سبق بيانه.
وقد كان رحمه الله على جانب من الإنصاف عظيم، يعرف قدر أهل العلم، ويعطي كل ذي حق حقه، نعم اعترض على بعض مسائل لأبي حامد مخالفة للكتاب والسنة ذكرها في "الإحياء" وغيره من كتبه، كما هو شأن أئمة الأمة المحمدية، فإنهم كما وصفهم نبيهم لا يجتمعون على ضلالة، وقال فيه: إنه مات والبخاري على صدره، نعم إنه تكلم في الشيخ محيي الدين وأضرابه ممن قال بوحدة الوجود والحلول والاتحاد، كما سبق بيانه، وله فيهم رد كبير، وذكر منه في كتابه (الفرقان بين أولياء الشيطان وأولياء الرحمن) ما نقلنا بعضه فيما سبق، وهو ليس أول من قرع هذا الباب من أولي الألباب، فكم وكم له من سلف، وذلك من الواجب على مثله أن يقوم على ساق المناضلة والذب عن الشريعة الغراء،