ومن أعطاه الله علماً فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار، قال تعالى {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} ١. والشيخ محيي الدين قد ألف فيه كتب كثيرة، وردوا على أقواله التي في الفصوص والفتوحات وغيرهما.
وممن ألف في الرد عليه العلامة الثاني سعد الدين التفتازاني، والحافظ العسقلاني، والشيخ أبو عبد الله البخاري، والملا علي القاري، والعلامة العضد، وغيرهم ممن لا يحصون كثرة، وإنهم أصابوا في الرد عليه، ولولا أن يطول الكلام لذكرنا كلامهم فيهم، ولعلنا إن شاء الله نفرد له كتاباً يكون قسيماً لهذا الكتاب.
ثم إن ما نقله النبهاني عن الشعراني في توجيه قول الشيخ محيي الدين فهو غير مقبول، لأنه لا يدل اللفظ عليه لا حقيقة ولا مجازاً، ولقد تجرأ على القول به بعض من لا خلاق له ممن ينتسب إلى العلم والصلاح من الغلاة، فحصل منه من المفاسد ما حصل.
قال العلامة الشيخ عبد اللطيف في كتابه (منهاج التأسيس في الرد على ابن جرجيس) عند الكلام على بدع القبوريين ما نصه:
"ومن المحن أن مشايخ المذاهب الأربعة وفقهاءهم جزموا بوجوب هدم القباب، ونهوا عن الطواف بالقبور ودعاء أربابها، بل ودعاء الله عندها، ومنعوا من الذبح لها والغلو فيها، بل وعن عبادة الله بالصلاة عندها، فإذا عُمل بمقتضى أقوالهم عامل وألزم بها الناس نسبة هؤلاء الجهال إلى الاستخفاف بالأنبياء والصالحين وإلى مخالفة العلماء، لأن العلم في عرفهم ما هم عليه من أقوال أسلافهم ومشايخهم من المتأخرين، قال وقد حدثني من يقبل حديثه أنه سمع هذا العراقي بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام يوم قدوم الحاج يقول