الدم عنه، ثم دخل معهم في صلاتهم وعبادتهم، فتوهموا أيضاً أثر الدم عليه فأنكروا عليه، هذا حال الغزالي وحالهم، انتهى ما هو المقصود.
ثم إن ابن السبكي أجاب عن بعض ما اعترض به المازري والطرطوشي بأجوبة ارتكب التعسف فيها كما هي عادته من التعصب لأهل مذهبه، ومع ذلك لم يمكنه إنكار جهل الغزالي بالحديث، فإنه قال: وأما ما عاب به الإحياء من توهية بعض الأحاديث فالغزالي معروف بأنه لم تكن له في الحديث يد باسطة، وعامة ما في الإحياء من الأخبار والآثار مبدد في كتب من سبقه من الصوفية والفقهاء، ولم يسند الرجل لحديث واحد، وقد اعتنى بتخريج أحاديث الإحياء بعض أصحابنا، فلم يشذ عنه إلا اليسير، قال وسأذكر جملة من أحاديثه الشاذة استفادة، ثم إنه بعد كلام استشهد بقوله:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده ... ولا الصبابة إلا من يعانيها
ثم قال بعد كلام طويل: ولقد وقعت في بلاد المغرب بسبب الإحياء فتن كثيرة وتعصب أدى إلى أنهم كادوا يحرقونه، وربما وقع إحراق يسير، قال والشيخ أبو الحسن لما وقف على الإحياء وتأمله قال هذا بدعة مخالفة للسنة، وكان شيخاً مطاعاً في بلاد المغرب، فأمر بإحضار كل ما فيها من نسخ الإحياء وطلب من السلطان أن يلزم الناس بذلك، فكتب إلى النواحي وشدد في ذلك وتوعد من أخفى شيئاً منه، فأحضر الناس ما عندهم واجتمع الفقهاء ونظروا فيه، ثم أجمعوا على إحراقه يوم الجمعة، وكان ذلك يوم الخميس، ثم ذكر ابن السبكي قصة رؤيا أبي الحسن المكذوبة وزعم أنه ترك إحراقه لتلك الرؤيا، وأنه بعد ذلك رغب فيه. انتهى كلامه ملخصاً.
(ومنهم العلامة الشيخ عبد اللطيف الحنبلي) قال رحمه الله تعالى في رسالة له كتبها لبعض أصحابه يحذره عن كتب أبي حامد الغزالي ويذكر له أنها مخالفة للكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة وهي هذه بنص عبارته ولفظه:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ في الله