التي نحن منها على ظاهرها، قال عن بعضهم إذا رأيته في البدايه قلت صديقاً، فإذا رأيته في النهاية قلت زنديقاً، ثم فسره الغزالي فقال: إن اسم الزنديق لا يلصق إلا بمعطل الفرائض لا بمعطل النوافل.
وقال: ذهبت الصوفية إلى العلوم الإلهامية دون التعليمية، فيجلس فارغ القلب مجموع الهم يقول الله الله الله على الدوام فيفرغ قلبه ولا يشتغل بتلاوة ولا كتب حديث، فإذا بلغ هذا الحد التزم الخلوة ببيت مظلم ويدثر بكسائه، فحينئذ يسمع نداء الحق:{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} قلت إنما سمع شيطاناً أو ما لا حقيقة له.
وقال أبو بكر الطرطوشي: شحن أبو حامد كتاب الإحياء بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما على بسيط الأرض أكثر كذباً منه، شبكه بمذاهب الفلاسفة ومعاني رسائل إخوان الصفا، وهم قوم يرون النبوة مكتسبة، وزعموا أن المعجزات حيل ومخاريق. انتهى.
هذا ما أورده صاحب كتاب البيان والله المستعان، وقد رأيت ما اشتمل عليه هذا الكلام من الهذيان، ونسأله تعالى أن يغفر له ويرحمه بسبب ما فاز به من حسن الخاتمة، واشتغاله آخر عمره بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان مسكي الختام.
وقد ذكر العلامة السيد صفي الدين في كتابه "القول الجلي" في الجواب عمن قال أن ابن تيمية تكلم في الأولياء كالغزالي وابن عربي وعمر بن الفارض وأضرابهم: أما سبب تكلمه في حجة الإسلام الغزالي فالله أعلم أنه ذكر في كتابه (المضنون) أشياء توافق عقايد الفلاسفة وتخالف الشرع، حتى أن بعض العلماء أنكر نسبة ذلك إليه، كذا ذكر بعضهم، وقد تكلم فيه القاضي عياض وابن الجوزي وغيرهما فله أسوة بهم، وإن كنا لا نسمع في الغزالي كلاماً بعد، كيف وهو حجة الإسلام وملك العلماء الأعلام.
وأما سبب تكلمه في ابن عربي فإنه ذكر أشياء في فصوصه وفتوحاته تقتضي