هذه التفاسير المتداولة قاطعة عن العلوم الإسلامية، وإن ضرورة المحافظة على الدين تقتضي باختيار الكتب النافعة.
قال: فكل ما نذكره فإنما الغرض منه تمحيص الحقيقة والتماس الأنفع لنا في علوم ديننا، وهذا عذرنا في كل ما نسطره عن هذه المؤلفات التي ابتلينا بها اليوم وابتليت بنا إلخ". انتهى المقصود مما ذكره هذا الفاضل المنصف.
وبه يعلم حال المتداول من التفاسير على الإجمال، فكيف يقال إن تفسير القرآن قد فرغ منه العلماء، مع أنهم هم الذين قالوا في شأن علم التفسير علم لا نضج ولا احترق، وقالوا: المراد بنضج العلم تقرير قواعده وتفريع فروعها وتوضيح مسائله، والمراد باحتراقه بلوغه النهاية في ذلك؟!.
وقد ذكر الإمام السيوطي في (الإتقان) أن القرآن في اللوح المحفوظ كل حرف منه بمنزلة جبل قاف، وكل آية تحتها من التفاسير ما لا يعلمه إلا الله تعالى. انتهى. فمتى أعطاه العلماء حقه حتى يقال أنهم قد فرغوا منه؟ فهل هذا إلا قول من قد بلغ من الجهل بدينه إلى الغاية؟
وأي ذنب لمن طلب في هذا العصر، أو تمنى أن يفسر القرآن تفسيراً نافعاً للعامة والخاصة بعبارة سلسة، يفهمها كل أحد، كعبارات ببناء هذا العصر، وكتّابه النابغين فيه، لا كعبارات الكتاب الماضين من الأعاجم وغيرهم، فإنهم كانوا يتفاخرون بدقة العبارات وصعوبتها وعدم فهمها ويعيبون الواضح منها، مع أن البلغاء المتقدمين والكتبة السابقين على العكس من ذلك، فقد رأيت في بعض كتب أصول الحديث ما نصه: "ويكره كراهة تنزيه الخط الدقيق لفوات الانتفاع أو كماله به لمن ضعف نظره، وربما ضعف نظر كاتبه بعد ذلك فلا ينتفع به، كما قال الإمام أحمد بن محمد بن حنبل لابن عمه حنبل بن إسحاق بن حنبل- ورآه يكتب خطاً دقيقاً-: فإنه يخونك أحوج ما تكون إليه" انتهى.
فكتب عليه الوالد رحمه الله في هامش الكتاب: "انظر إذا كانت الدقة في الخط هكذا فكيف بها في عبارات العلوم الشرعية؟ وقد عدوا ذلك وجعلوه من