بدر الدين الحلبي؟ فتعلم منه ما يخرجه من ظلمات جهالته، وينور قلبه بأنوار علومه، فإن الرجل ممن ابتلي بداء (النوك) والجهل، فلا بد له من طبيب حاذق وإن قيل إن داء النوك ليس له دواء١.
نرى كثيراً من المفسرين يؤول آيات الله تعالى المحكمة ليوافقها مع قواعد هيئة اليونان، ويطبقها على أصول الحكمة الإلهية، أو الطبيعية اليونانية، مع مكابدة المشاق وتحمل الصعوبات، مع أن ما ظهر من الفنون الجديدة التي قام على صحتها البرهان يمكن تطبيقها وتوفيقها مع النصوص من غير كلفة لموافقة صحيح المعقول لصريح المنقول.
فلم لم يعترض النبهاني على مثل تفسير الإمام فخر الدين الرازي؟ وقد شحنه من كلام المتكلمين وفلاسفة اليونانيين، ومتى كانت هذه المباحث لدى المسلمين قبل أن تترجم كتب الفلاسفة، فإذا لم يعترض على مثل ذلك فلم يعترض على من يسلك ذلك المسلك في الفلسفة الجديدة التي هي أصح وأولى بالاعتبار من هذيان اليونانيين؟ فهل هذا الكلام منه إلا تحكم وترجيح بلا مرجح؟!
ثم إن هذا القبوري لم يعترض على تفاسير القوم التي فسروا بها كلام الله تعالى ولم يقصدها -من كلامه- رب العالمين، بل عد مثل هذه التفاسير من أجلّ المآثر، وأعظم التحف والمفاخر، ولم يتكلم بها أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا غيرهم، فلم يعترض على من تمنى أن يصنف تفسير يدلى عليه كلام الله دلالة صريحة ويصدقه العيان ويؤيده البرهان؟! فأي ذنب لمن يطلب تصنيف مثل هذا التفسير؟! (نعم) المذنب هو الذي يطلب تصنيف ذلك من هذا الجاهل القبوري الغبي أحد الغلاة، ويتكلم معه مثل هذا الكلام، وهو- على ما سمعنا به ممن رآه- من قراء المولد، والتهاليل للأموات، فأين هو من مثل هذه المطالب العالية؟ فلا شك أن الذي تكلم معه بذلك الكلام، وطلب منه أن يفسر