للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جملة حِكَم خلق الإنسان وتخليفه في الأرض إبراز ما أودع الله في الأرض من خواص النبات والحيوان والمعدن على يدي هذا الخليفة، لما أودع فيه من الشهوات وحوائج المأكل والملبس وغير ذلك مما استنتجه بأفكاره ووصل إليه ببصيرته. فدخل في هذا الباب من العلوم ما لا يحيط به دوائر الأمكان، ولا يقوم به قلم ولا لسان.

فالاشتغال بمثل هذا التفسير أليس أولى من صرف العمر بذكر القبور وأهلها وتشويق الجهلة وحثهم على عبادتها؟ والالتجاء إليها؟ مع أنهم لم يقصروا في ذلك وهي لديهم من أعظم الواجبات، بل ليس لهم سوى هذا الكمال من أمور الدنيا والآخرة، فتراهم مفلسين من كل فضيلة.

ويقال للنبهاني الجاهل القبوري: هلاّ رأيتَ كتاب الفاضل الشيخ حسين الجسر الطرابلسي؟ وقد كتب ما نصه: "وقد خطر لي حيث وجدت مجالاً للكلام، وسميعاً للنداء، أن أحرر رسالة يستبان منها حقيقة الدين الإسلامي، وكيفية تحققه لمتبعيه على أسلوب جديد سهل الفهم، لا تمله الأنفس ولا تستوعره الأفكار، يروق العقول الحرة، ويعجب الأذهان المطلقة عن قيود التعصب إن شاء الله". انتهى المقصود من نقله.

فيقال: إن الكتاب الذي ألفه فيه مغمز لثالب؟ كلا، بل هو كتاب من أجل الكتب المصنفة في هذا الفن -إن لم نقل أحسنها- فأي فائدة في الكلام مع الفلاسفة الأولين؟ وأي نفع يترتب على الكلام في عقائد المعتزلة وإبطال دلائلهم، مع تقلص ظل وجودهم من هذا العالم.

وفلاسفة العصر لهم فنون أخرى غير فنون أسلافهم، وسلاحهم الذي يحملونه على أهل الدين غير سلاح أوائلهم، فينبغي للحازم أن يعد لهم ما ينخذلون له وينقادون إليه، فأي ذنب لمن تمنى تفسيراً على هذا المنهج والمسلك الذي سلكه الفاضل الطرابلسي؟! وهلا شد النبهاني رواحله إلى هذا الفاضل وتعرف منه دينه، وداوى أدواء جهله بعقاقير معارفه؟ أو سافر إلى الفاضل السيد

<<  <  ج: ص:  >  >>