للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال: إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم؟!

وأما القسم الذي يمكن معرفة الصحيح منه فهذا موجود كثير ولله الحمد، وإن قال الإمام أحمد: ثلاثة ليس لها أصل؛ التفسير والملاحم والمغازي١. وذلك لأن الغالب عليها المراسيل، وأما ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين- حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم يإحسان، فإن التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفاً لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين، مثل تفسير عبد الرزاق، والفريابي، ووكيع، وعبد، وإسحاق، وأمثالهم- إحداهما: قوم اعتقدوا معاني، ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها. والثانية: قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده من كان من الناطقين بلغة العرب، من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به، فالأولون راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان. والآخرون راعوا مجرد اللفظ وما يجوز أن يريد به العربي من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم ولسياق الكلام.

ثم هؤلاء كثيراً ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة، كما


(١) أخرجه الخطيب البغدادي في"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (٢/٢٣١/١٥٣٦) .
ثم قال الخطيب: "وهذا الكلام محمول على وجه؛ وهو أن المراد به كتب مخصوصة في المعاني الثلاثة، غير معتمد عليها ولا موثوق بصحتها لسوء أحوال مصنفيها، وعدم عدالة ناقليها، وزيادات القصاص فيها. فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه الصفة، وليس يصحّ في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة اتصلت أسانيدها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من وجوه مرضية، وطرق واضحة جلية.
وأما الكتب المصنفة في تفسير القرآن؛ فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان.. وأما المغازي؛ فمن المشتهرين بتصنيفها وصرف العناية إليها؛ محمد بن إسحاق المطلبي، ومحمد بن عمر الواقدي. فأما ابن إسحاق؛ فقد تقدّمت مِنّا الحكاية عنه أنه كان يأخذ عن أهل الكتاب أخباره ... وأما الواقدي؛ فسوء ثناء المحدّثين عليه مستفيض ... "اهـ.
وانظر الكلام عن قول الإمام أحمد والمقصود منه في مقدمة العلامة أبي إسحاق الحويني الأثري- وفّقه الله ومتع المسلمين بحياته وعلومه- في تحقيقه لتفسير ابن كثير (١/ ١٢- وما بعدها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>