للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: (فصل) والاختلاف في التفسير على نوعين: منه ما مستنده النقل فقط، ومنه ما يعلم بغير ذلك، والمنقول إما عن المعصوم أو غيره، ومنه ما يمكن معرفة الصحيح منه من غيره، ومنه ما لا يمكن ذلك، وهذا القسم الذي لا يمكن معرفة صحيحه من ضعيفه عامته مما لا فائدة فيه، ولا حاجة بنا إلى معرفته، وذلك كاختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف واسمه، وفي البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، وفي قدر سفينة نوح وخشبها، وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر، ونحو ذلك، فهذه الأمور طريق العلم بها النقل، فما كان منه منقولاً نقلاً صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قُبِلَ، ومالا- بأن نقل عن أهل الكتاب ككعب ووهب- وقف عن تصديقه وتكذيبه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم"١. وكذا ما نقل عن بعض التابعين وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب، فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض، وما نقل في ذلك عن الصحابة نقلاً صحيحاً فالنفس إليه أسكن مما يُنقَل عن التابعين، لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى، ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين، ومع جزم الصحابي بما يقوله كيف


١ أخرجه أحمد (٤/١٣٦) أو (رقم: ١٧٢٧٤، ١٧٢٧٥- قرطبة) وأبو داود (٣٦٤٤) والبغوي في "شرح السنة" (١/ ٢١٧ ٢١٨/ ١٢٤) وابن حبان في "صحيحه" (١٤/ ١٥١/ ٦٢٥٧) والبيهقي (٢/١٠) والطبراني في "الكبير" (٢٢/ رقم: ٨٧٤- ٨٧٩) والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (١/٣٨٠) وعبد الرزاق في "مصنفه" (رقم: ٢٠٠٥٩) والمزي في"تهذيب الكمال" (٣٤/ ٣٥٤) .
من طريق: ابن شهاب الزهري، عن نملة بن أبي نملة الأنصاري، عن أبيه به مرفوعاً.
نملة بن أبي نملة الأنصاري؛ قال عنه الحافظ في"التقريب": "مقبول".
قلت: وقد روى عن خمسة من الرواة كما في ترجمته من "تهذيب الكمال".
والحديث ضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف الجامع" رقم (٥٠٥٢) و"ضعيف سنن أبي داود" (٧٨٦) وعزاه للضعيفة رقم (١٩٩١) فلم أجده فيه.
تنبيه: عزا مخرّجا "مجموعة الفتاوى" ط. الوفاء والعبيكان- هذا الحديث للبخاري (٤٤٨٥) ؛ فأبعدا النجعة! وإنما هو فيه من حديث أبي هريرة بلفظ: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>