عليها، ولم يروها لا أهل الصحاح، ولا أهل السُّنن التي يُعْتَمَدُ عليها؛ كأبي داود، والنسائي، لأنها ضعيفة بل موضوعة، كما قد بين العلماء الكلام عليها.
ومن زاره في حياته كان من المهاجرين إليه، والواحد بعدهم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، وهو إذا أتى بالفرائض لا يكون مثل الصحابة، فكيف يكون مثلهم في النوافل، أو بما ليس بقربة، أو بما هو منهي عنه؟!
وكره مالك رحمه الله أن يقول القائل: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم، كره هذا اللفظ لأن السنة لم تأت به في قبره.
وقد ذكروا في تعليل ذلك وجوهاً، ورخص غيره في هذا اللفظ للأحاديث العامة في زيارة القبور، ومالك يستحب ما يستحبه سائر العلماء من السفر إلى المدينة والصلاة في مسجده، وكذلك السلام عليه وعلى صاحبيه عند قبورهم اتباعاً لابن عمر. ومالك رضي الله عنه من أعلم الناس بهذا، لأنه قد رأى التابعين الذين رأوا الصحابة بالمدينة، ولهذا كان يستحب اتباع السلف في ذلك، ويكره أن يبتدع أحد هناك بدعة، فكره أن يطيل القيام والدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك، وكره لأهل المدينة كلما دخل إنسان المسجد أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم، لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك.
قال مالك:"ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها" بل كانوا يأتون إلى مسجده فيصلون خلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، فإن الأربعة صلوا أئمة في مسجده، والمسلمون يصلون خلفهم، وهم يقولون في الصلاة السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته كما كانوا يقولون ذلك في حياته، ثم إذا قضوا الصلاة قعدوا أو خرجوا ولم يكونوا يأتون القبر للسلام، لعلمهم بأن الصلاة والسلام عليه في الصلاة أكمل وأفضل، وهي المشروعة.
وأما دخولهم عند قبره للصلاة والسلام عليه هناك أو الصلاة والدعاء فإنه لم