للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى مسلم في صحيحه١ الدعاء عند دخول المسجد بأن يفتح له أبواب رحمته، وعند خروجه بسؤال الله من فضله. وهذا الدعاء مؤكد في دخول مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا ذكره العلماء فيما صنفوه من المناسك لمن أتى إلى مسجده أن يقول ذلك، فإن السلام عليه مشروع عند دخول المسجد والخروج [منه] ، وفي نفس كل صلاة، وهذا أفضل وأنفع من السلام عند قبره وأدوم، وهذا مصلحة محضة لا مفسدة، فبها يرضى الله، ويوصل نفع ذلك إلى رسول الله وإلى المؤمن، وهذا مشروع في كل صلاة، وعند دخول المسجد والخروج منه، بخلاف السلام عند القبر؛ مع أن قبره من حين دفن لم يمكن أحد من الدخول إليه، لا لزيارة ولا لصلاة ولا لدعاء ولا غير ذلك، ولكن كانت عائشة فيه لأنه بيتها، وكانت ناحية عن القبور لأن القبور في مقدمة الحجرة، وكانت هي في مؤخرة الحجرة، ولم يكن الصحابة يدخلون إلى هناك.

وكانت الحجرة على عهد الصحابة خارجة عن المسجد متصلة به، وإنما دخلت فيه في خلافة عبد الملك بن مروان بعد موت العبادة ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وابن عمر، بل موت جميع الصحابة الذين كانوا بالمدينة، ولم يكن الصحابة يدخلون إلى عند القبر، ولا يقفون عنده خارجاً، مع أنهم يدخلون إلى مسجده ليلاً ونهاراً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام"٢. وقال: "لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد بيت المقدس"٣. وكانوا يقدمون من الأسفار للاجتماع بالخلفاء الراشدين وغير ذلك فيصلّون في مسجده، ويسلمون عليه في الصلاة، وعند دخول المسجد والخروج منه، ولا يأتون القبر، إذ كان عندهم مما لم يأمرهم به، ولم يسئه لهم، وإنما أمرهم وسن لهم الصلاة والسلام


١ برقم (٧١٣) .
٢ أخرجه البخاري (١١٩٠) ومسلم (١٣٩٤) .
٣ تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>