عليه في الصلاة، وعند دخولهم المساجد وغير ذلك، ولكن ابن عمر كان يأتيه فيسلم عليه وعلى صاحبيه عند قدومه من السفر، وقد يكون فعله غير ابن عمر أيضاً، فهكذا رأي من رأى من العلماء هذا جائزاً اقتداء بالصحابة رضي الله عنهم، وابن عمر كان يسلم ثم ينصرف ولا يقف يقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت، ثم ينصرف ولم يكن جمهور الصحابة يفعلون ذلك، إذ لم يكن هذا سنة سنها لهم.
وكذلك أزواجه كنّ على عهد الخلفاء وبعدهم يسافرون للحج، ثم ترجع كل واحدة إلى بيتها كما وصاهن بذلك، وكانت أمداد اليمن الذين قال الله فيهم:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ١ على عهد أبي بكر وعمر يأتون أفواجاً من اليمن للجهاد في سبيل الله، ويصلّون خلف أبي بكر وعمر في مسجده، ولا يدخل أحد منهم إلى داخل الحجرة، ولا يقف في المسجد خارجاً منها، لا لدعاء ولا صلاة ولا سلام ولا غير ذلك، وكانوا عالمين بسنته، كما علمهم الصحابة والتابعون أن حقوقه ملازمة لحقوق الله، وأن جميع ما أمر الله به وأحبه من حقوقه وحقوق رسوله فإن صاحبها يؤمر بها في جميع المواضع والبقاع، فليست الصلاة والسلام عليه عند قبره بأوكد من ذلك في غير ذلك المكان، بل صاحبها مأمور بها حيث كان، إما مطلقاً وإما عند الأسباب المؤكّدة لها، كالصلاة والدعاء والأذان، ولم يكن شيء من حقوقه ولا شيء من العبادات هو عند قبره أفضل منه في غير تلك البقعة، بل نفس مسجده له فضيلة لكونه مسجده، ومن اعتقد أنه قبل القبر لم يكن له فضيلة -إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه والمهاجرون والأنصار وإنما حدثت له الفضيلة في خلافة الوليد بن عبد الملك لما أدخل الحجرة في مسجده- فهذا لا يقوله إلا جاهل مفرط في الجهل، أو كافر، فهو مكذب لما جاء، مستحق للقتل.
وكان الصحابة يدعون في مسجده كما كانوا يدعون في حياته، لم يتجدد لهم